ارتبط اسم المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) ارتباطاً وثيقاً باسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - منذ بداياته الأولى، عندما كان فقط سباقاً للهجن، بعد ذلك بدأت مراحل تطور المهرجان من ناحية الفعاليات والمنشآت والمباني، والمشاركات الداخلية والدولية، وزيادة أعداد المدعوين لحضور الفعاليات من جميع قارات العالم. لقد سعى - يرحمه الله - إلى التواصل مع جميع شرائح المثقفين وقادة الرأي، خصوصاً من كان لديهم آراء مغلوطة عن المملكة، لمحاورتهم وتصحيح الصور السلبية لديهم، وقد جاءت النتائج أكثر من رائعة، وعاد الكثير منهم بتصور إيجابي، لا سيما أنها تعطى لهم الفرصة كاملة للاطلاع على الأوضاع للتأكد بأنفسهم والخروج بتصور صحيح عن واقع المملكة. ولعل إنشاء مركز الحوار الوطني جاء نتيجة لنجاح أهداف (الجنادرية) التي أصبحت مكاناً للتحاور خلال وقت المهرجان، وإجراء اللقاءات داخل المهرجان وخارجه مع المفكرين والمسؤولين بالمملكة، ما جعل الكثير منهم يصحح ما كان لديه من أفكار مغلوطة عن البلاد. ولعل استمرار المهرجان ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - يؤكدان قيمة المهرجان وأهميته. المعروف أن مساحة المملكة تعتبر شبه قارة، يتنوع فيها الكثير من الثقافات، والتراث من الحرِف والعادات والتقاليد، والفنون الشعبية التي تعبر عن تلك المناطق. استطاعت (الجنادرية) أن تختصر ذلك في قرية تحاكي جميع مناطق المملكة، بحيث يستطيع الزائر أن يتعرف على كل ذلك في مكان واحد ، وكيف كان يعيش الآباء والأجداد ، ومقارنة ذلك بما وصلت اليه البلاد من تقدم وازدهار. كما تعد مناسبة وطنية تمتزج في نشاطاتها عبق تاريخنا المجيد بنتاج حاضرنا الزاهر، ومن أسمى أهداف هذا المهرجان التأكيد على هويتنا العربية الإسلامية وتأصيل موروثنا الوطني بشتى جوانبه ومحاولة الإبقاء والمحافظة عليه ليبقى ماثلا للأجيال القادمة. إن مهرجان هذا العام - الذي يغيب عنه الملك عبدالله رحمه الله - أثار من جديد الحزن على الفقيد الغالي، بما كان يمثله من حضور مميز بمتابعاته واهتمامه بكل التفاصيل، للوصول الى الهدف المنشود. وقد كان له ذلك - يرحمه الله- حيث يعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة مناسبة تاريخية في مجال الثقافة ومؤشرا عميقا للدلالة على اهتمام قيادتنا الحكيمة بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة، كما تعد مناسبة وطنية يمتزج في نشاطاتها عمق تاريخنا المجيد بنتاج حاضرنا الزاهر. لقد كان لي شرف المشاركة في أعمال المهرجان من بداياته، من خلال عملي في العلاقات العامة واللجنة الإعلامية للمهرجان، ما أتاح لي فرصة الاطلاع على الكثير من مراحل تطوره المشرفة، وجهوده - يرحمه الله - في تطوير البرامج والفعاليات وزيادة المباني لاستيعاب كافة النشاطات.