كثيراً ما تجول في الخاطر أفكار ومعان وأحداث ترسم نسيجاً فكرياً حول موضوع ما، ولا عجب أن تجد نفسك متعمقا في هذه الافكار والمعاني والأحداث تارة، ثم تمر أمامك مرور الكرام تارة أخرى، إلا أنني وجدت نفسي أتعمق في التفكير عندما جال بخاطري سؤال حول معنى كلمة "وطن". ورغم أنني قرأت الكثير حول معنى الكلمة في القواميس اللغوية، إلا أن ما أثار تفكيري هو العلاقة بين كلمة وطن والانتماء والتنمية ودور الشباب في ظل هذه العلاقة. وعندما جالت بخاطري كلمة وطن، ماج في نفسي العديد من المشاعر التي يملؤها الحماس والعزة والكرامة، لا أجد الأمر غريبا، بل تلقائيا وحتميا، فمن منا لا يجد العزة في وطنه، فبلدي هو بلد العزة والكرامة والكرم والسماحة والقوة والسلام، فهو مسقط رأسي، فيه ولدت وفيه أحيا وأعيش وآكل من خيراته وأتنفس من هوائه واحتمي بأحضانه. إذاً الوطن هو أساس الحياة، ومن الوطن تولدت داخلنا مشاعر الانتماء والوفاء، فقد وجدت في وطني - منذ نعومة أظفاري - الأمن والسكينة والحرية والرخاء، وعندما فكرت في العلاقة بين الوطن والانتماء والتنمية والشباب، فإنني أفكر في كيفية مشاركة الشباب في التنمية. وأقدر وأثمن أهمية الانتماء الوطني لدى الشباب ومردوده على برامج التنمية في وطننا الغالي، فالانتماء هو الدعامة الرئيسة التي تبنى عليها الآمال والطموحات التي تنشدها الأوطان، لذا بات من الضروري أن نوجه كافة اهتماماتنا نحو سبل دعم الانتماء الوطني لدى شباب الوطن، فكلما ارتفعت نسبة مشاركة الشباب في البرامج التنموية، في ظل سياقات الانتماء الوطني، يستطيع الشباب أن يدرك قوة ارتباطهم بالوطن، ما يحفزهم لبذل الجهد والعطاء. فالانتماء هو النماء والعلو، لذا فالانتماء الوطني هو تجسيد حقيقي لارتباط واعتزاز الشباب بوطنهم، فالوطن هو مسقط الرأس وأرض الكرامة والشرف، والوطن نعمة من الله على الفرد والمجتمع. وهنا نؤكد على أهمية مشاركة كافة مؤسسات الدولة في تحمل مسؤولية دعم الانتماء لدى الشباب، ولا ننسى دور الأسرة في ذلك الشأن، فهي البيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الفرد منذ نعومة أظفاره. كذلك هناك أهمية دور المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات، إلى جانب المراكز الثقافية والإعلام في دعم قيم الانتماء الوطني لدى الشباب، وأهمية دور المؤسسات الدينية في توجيه فكر الشباب نحو الافكار المعتدلة عبر الخطاب الديني الصحيح، كل ذلك من أجل تحفيز الشباب نحو العمل والانتاج لتحقيق الأهداف التنموية للوطن. فالشباب الأصحاء الأقوياء فكرا وعلما هم الشباب الواعد الذي يجب أن يتحمل أعباء التنمية، ويجب أن يعرف الشباب أن العلم وحده لا يكفي، فقليل من العلم مع العمل أنفع من كثير من العلم بلا عمل. إذاً يا شباب الوطن هيا إلى العمل والاجتهاد، شاركوا بسواعدكم في بناء وطنكم، وحققوا أمجاده، وحافظوا على أرضكم، وحاربوا كل فكر هدّام يستهدف النيل من وطننا الحبيب، يا شباب الأمل والمستقبل إن لكل وطن.. أبطاله.