لنا في سيرة رسولنا -عليه أفضل الصلوات والتسليمات- أسوة حسنة، فقد كان يرعى الإبل في أول حياته قبل انخراطه في إدارة أموال زوجه. فلا بد من اسقاط ثقافة العيب لدى شبابنا السعودي الناهض، فالأعمال الشريفة وعلى رأسها الحرف المهنية ليست عيبا يوصم به كل من التحق بها، فشبابنا مدعوون اليوم للانخراط في كل الحرف والأعمال المهنية مثل: التلييس، التبليط، الدهان، الحلاقة، السباكة، النجارة، والحرف الكهربائية، وغيرها من تلك الحرف التي تقوم بها العمالة الوافدة في بلادنا. وبالإرادة النافذة والعزيمة الصلبة والقناعة العقلانية فإن شباب هذه الأمة قادرون -بإذن الله- على تجاوز ثقافة العيب من ممارسة مختلف تلك الحرف بانخراطهم فيها، كما كان يفعل الآباء والأجداد في الأيام الخالية. فلا يجب أن تقتصر الحرف المهنية على العمالة الوافدة، والسعودة الكاملة لن تتحقق على أرض الواقع ما لم يكسر شبابنا ثقافة العيب وينخرطوا في سلك تلك الأعمال الشريفة في مختلف المشاريع الإنشائية في القطاعين العام والخاص. أجهزة القطاع الخاص في بلادنا مطالبة بإعداد وتدريب وتهيئة شبابنا؛ للانخراط في كل الحرف المهنية، وإتاحة الفرصة الكاملة أمامهم؛ لإثبات وجودهم كثروة بشرية تعد من أغلى ثروات الوطن. وعلى شبابنا اقتناص كل الفرص؛ للانخراط في سلك تلك المهن الشريفة ومزاولتها، فالوطن بحاجة إلى سواعد أبنائه؛ للنهوض بمشروعاته التنموية -ما صغر منها أو كبر-، ولا بد في هذه الحالة تحديدا من كسر قاعدة ثقافة العيب المتغلغلة في أذهان شبابنا، ولن يتأتى ذلك إلا بالقناعة المطلقة بأن تلك الحرف المهنية ليست عيبا في حد ذاتها، فهي أعمال شريفة يحتاج لها الوطن. العمل على إتاحة الفرصة أمام شبابنا للعمل بالمهن الحرفية مهمة وطنية، لا بد أن يضطلع بها الجميع، وتطوير المستويات المهنية والفنية والحرفية لدى الشباب مهمة ضرورية لبناء الوطن، ومهمة لخير ورفاهية المواطنين، والأعمال المهنية ذات مردودات مالية لا يمكن الاستهانة بحجمها، ويمكن عن طريقها بناء المستقبل الأفضل لأبناء المملكة الساعين لتنمية بلادهم والنهوض بها، والحرف التي يمكن التدريب عليها لامتهانها لا تعد ولا تحصى سواء في مجال المقاولات أو الزراعة أو الصناعة وغيرها من المجالات العديدة، ومتى ما توافرت رغبة شبابنا للانخراط في تلك الأعمال فإن مسؤولية القطاع الخاص تتمحور حينئذ في تدريب تلك الطاقات الوطنية وإعدادها وتأهيلها للعمل في تلك المهن. الأسطوانة المهترئة التي ما زالت أنغامها تتردد في الأذهان بأن شبابنا لا يتحملون مسؤولية العمل في تلك الحرف ولا يطيقونها ولا يواظبون عليها هي أسطوانة لا صحة لها على الاطلاق، فقد أثبت بعض شبابنا جديتهم ومثابرتهم على العمل في تلك الحرف المهنية، وأتقنوها تماما بروح وطنية عالية وثقة مطلقة، رفعت من معنوياتهم، وزرعت فيهم حب العمل والتفاني في أدائه؛ خدمة لوطنهم وخدمة لأنفسهم.