مثل الكثير من البشر الذين اخترعوه، الإنترنت رائع ورهيب على حد سواء. فهو يستحدث ويدمر، ويخول ويقمع، ويبني ويسفه - في كثير من الأحيان في نفس الوقت. تقرير جديد من البنك الدولي يرى أمورا أخرى قليلة ينبغي القلق حيالها: الإنترنت، بشكل غير متناسب، يفيد من لديهم المال، وقد يفاقم عدم المساواة، ولم يعزز الإنتاجية بقدر ما كان الأمل معقودا عليه، ويميل لصالح الاحتكارات، و"بعيد عن كونه كافيا "لتخفيف حدة الفقر. يمكنك القول إن هذا يعتبر سقفا عاليا جدا للوصول بالنسبة إلى تكنولوجيا لم تكن موجودة على قيد الحياة إلا منذ بضعة عقود. وحتى مع ذلك، فإن التقرير هو تذكرة بأنه لا توجد أي تكنولوجيا تعتبر جيدة صراحة، وأن التقدم له عواقب و- في كثير من الأحيان عواقب غير متوقعة نهائيا. التقرير واضح أيضا حول فوائد الإنترنت. ولكن مؤلفي التقرير يحذرون، بمعقولية كافية، من أن الاستفادة الكاملة منه تتطلب أشياء مثل البنية التحتية الجيدة، وقوانين تنظيمية حكيمة، وتعليما أفضل، وحوكمة متجاوبة - نفس الأشياء اللازمة لأي نوع من التنمية. التجديد الملحوظ الذي أضافه المؤلفون هو أن التكنولوجيا الرقمية يمكن أن تعمق من آثار السياسة السيئة. القوانين التنظيمية للشركات حين تكون مصممة بشكل سيء فإنها يمكن أن تعطي لشركات الإنترنت قوة سوقية مفرطة، ما يحول دون المنافسة ويضر بالمستهلكين. المدارس الفاشلة تصبح أقرب إلى كونها نوعا من العبء عندما يكون الناس مجبرين على التنافس مع الروبوتات للعمل في وظائف تتطلب مهارات متدنية. والطغاة غير الخاضعين للمساءلة يجدون أن الإنترنت يعتبر وسيلة مريحة بفظاعة من أجل السيطرة. وباختصار، فإن مخاطر التكنولوجيا الرقمية - مثل أي شيء آخر في الحياة - تقع أشد وطأة على الضعفاء. لا يزال لا يوجد سبب لمقاومة الإنترنت، (وكأننا نستطيع ذلك!)، أو لمعاقبة مروجيه. رغم كل مساوئ التكنولوجيا الرقمية، إلا أنها لا تزال قوة غير عادية للنمو والابتكار وحل المشكلات في جميع أنحاء العالم. ولكن ضمان تقاسم فوائدها على نطاق واسع، وأن عيوبها قد تم تخفيفها، يتطلب نوعا حصيفا وذكيا من نشاط صنع السياسة. إن هذا يشكل درسا بارزا على نحو متزايد مع تسارع التغير التكنولوجي. السيارات سوف تقود نفسها، والطائرات بدون طيار ستقوم بتوصيل مواد البقالة إلى منزلك، وسوف تطوي الروبوتات الغسيل. وهل سمعت عن خطة جوجل للخلود؟ ولكن الكثير من الناس أيضا سيفقدون وظائفهم، ويحل محلهم الخوارزميات والأتمتة. سوف يعاني الآخرون من كثير من الهموم التي يعاني منها عصر وسائط الإعلام الاجتماعي. سوف يستقطب الإنترنت أمورا ويقلل من شأن أمور أخرى. سوف يقضي أطفالك وقت العشاء على هواتفهم الذكية. وربما لن يكون لديك المزاج لكي تطيل التفكير في أفكار ستيفن هوكينج حول الذكاء الاصطناعي. في المحصلة، منافع التكنولوجيا الرقمية تفوق كثيرا جوانبها السلبية، خصوصا في البلدان النامية. لكن الجوانب السلبية تظل مع ذلك حقيقية ومهمة. لذلك سيكون من الضروري بين الحين والآخر أن نُذَكِّر أنفسنا بهذه الحقيقة.