من الذي يخبئ كل هذه الأموال في الخارج؟ حاول بنك التسويات الدولية الإجابة على هذا السؤال في تقريره ربع السنوي في سبتمبر بافتراض شركة صينية وهمية متعددة الجنسيات مثالا على ذلك. كتب روبرت ماكولي، الاقتصادي في بنك التسويات الدولية، أنه خلال سنوات الازدهار الاقتصادي، مثل هذه الشركة الافتراضية كسبت المال عن طريق الاقتراض بمعدلات تقترب من الصفر في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وكانت تقوم بتحويل هذه الأموال إلى اليوان، والاستثمار في الصين مقابل عوائد أعلى. الآن، كما يقول، تقوم الشركة بالترتيب العكسي: أي الاقتراض أكثر باليوان وحيازة المزيد من المال بالعملات الأجنبية. هذه هي الدينامية التي تسعى الحكومة إلى التغلب عليها من خلال شرائها لليوان. في أكتوبر توقع معهد التمويل الدولي أن الحكومة ستكون بحاجة لبيع أكثر من 220 مليار دولار من احتياطياتها في العام الماضي لتلبية الطلب على العملة الأجنبية. كان العدد الفعلي ربما أقرب إلى نصف تريليون دولار. وقد تضاءل مخزون الصين من احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 3.3 تريليون دولار. الوسادة الواقية آخذة في التقلص. ويقول هاو كونغ، كبير إستراتيجيي الصين في بوكوم الدولية القابضة: "بالنظر إلى الدين الصيني الخارجي، والتجارة، وإدارة أسعار صرف العملات، فإن الصين تحتاج إلى حوالي 3 تريليونات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي حتى تكون مرتاحة". ما يقوم تشي بالتعامل معه هو ما يسميه الاقتصاديون الدولي "trilemma"، أو الثالوث المستحيل. ملخص الفكرة هو أنه لا يمكن أن يحقق البلد الأمور الثلاثة التالية في وقت واحد: (1) سياسة نقدية مرنة، و (2) تدفقات حرة لرؤوس الأموال، و (3) سعر صرف ثابت. هذه الأمور تعمل ضد بعضها البعض. حالما بدأت الصين بالسماح بالتدفقات الحرة لرأس المال (أو على الأقل التدفقات بحرية أكثر من قبل)، كان أمرا لا مفر منه أنه لا بد لها أن تتخلى عن واحد من الهدفين الآخرين. إذا أرادت الحفاظ على اليوان من السقوط، فإنه سيتعين عليها رفع أسعار الفائدة بمعدلات أعلى من المعدلات المناسبة للاقتصاد المحلي، وهو ما يعني أساسا التخلي عن وضع سياسة نقدية ملائمة. أو، إذا أرادت تحديد أسعار الفائدة على هواها، فإنه سيتعين عليها أن تسمح لليوان بأن يغرق. كما يقول ستيفن واي هو، الاقتصادي في جامعة كولومبيا: "إنه حقا لغز". ويضيف: "يمكننا التكهن فقط"، بالخيار الذي ستختاره القيادة. بالنسبة إلى فينه دانغ، الاقتصادي في جامعة ماكاو ، الإجابة واضحة: فحيث إن السياسة النقدية المرنة هي أمر ضروري، والصين هي أكبر من أن تعزل نفسها عن العالم، كما كتب في رسالة عبر البريد الإلكتروني، معنى ذلك أنه "يجب التخلي عن السيطرة على معدل أسعار الصرف". انطلاقا من سياسات التحرك والتوقف في الصين، لم يتوصل قادتها تماما إلى فهم جيد للفكرة التي تقول إنه لا بد لهم من اختيار طريق معين. فهم لا يزالون يريدون تحقيق جميع الأمور الثلاثة من الثالوث المستحيل. قال هان جون، نائب مدير مكتب الصين التابع لمجموعة القيادة المركزية للشئون المالية والاقتصادية يوم 11 يناير في مؤتمر صحفي في نيويورك: إن الدعوات المطالِبة بخفض كبير في القيمة هي دعوات "سخيفة". لا يمكن أن يكون من السهل على تشي أن يعاني من مهانة خسارة المعركة ضد الأسواق المالية في العالم. هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نعتقد أنه سوف يحاول الهروب من الثالوث المستحيل من خلال استعادة على الأقل بعض الضوابط على رأس المال. غارسيا-هيريرو، الخبيرة الاقتصادية لدى ناتيكسيس، تتوقع أن الإذن بإرسال الأموال أو الاحتفاظ بها بالخارج سيتم إعطاؤه بشكل أكثر بخلا في المستقبل. وقالت هيريرو إن مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، التي تهدف لجعل الصين مركزا للتجارة الآسيوية، لن تواجه أي صعوبة في الحصول على التمويل، ولكن يمكن أن يتم رفض استثمار ليس من الواضح أنه يخدم المصلحة الوطنية. وتتوقع بأن السلطات الصينية ستبقى مفتوحة أمام الاستثمار أو إعطاء الائتمان خارج البلاد عندما تكون بالكامل تحت سيطرتهم. المثال على ذلك سيكون سوق "سندات الباندا" الوليدة، التي تسمح للأجانب باقتراض المال باليوان داخل الصين. كيفن يان، المحلل في ستراتفور، وهي شركة للمعلومات الجيوسياسية مقرها في أوستن، يتفق مع رأي مع جارسيا هيريرو، في أن الاتجاه على المدى القصير هو نحو إغلاق الصين عن العالم، لكنه أكثر تفاؤلا بشأن المدى الطويل. يقول يان: "سوف تكون الأمور على شكل فتح وإغلاق، وفتح وإغلاق، ولكنها تتحرك ببطء في الاتجاه الإيجابي، وربما خلال 5-10 سنوات قادمة". أسوأ شيء يمكن أن يلجأ إليه الزعماء الصينيون هو العودة إلى الحيلة القديمة المستهلَكة، وهي مساندة التوظيف عن طريق بناء الطرق والجسور والشقق. جونثر شنابل، الأستاذ في جامعة لايبزيج، يقول إن الإقراض المتساهل يعمل فقط على إبقاء مؤسسات الزومبي واقفة على قدميها: "إذا لم يكن لديك قيد قوي في الميزانية، فلن يكون لديك حافز للتقدم باستثمار مبتكر وديناميكي." إذا حكمنا من مبالغ رؤوس الأموال الهاربة من الصين في الوقت الحاضر، فإن كثيرا من الناس في ذلك البلد يشعرون بالقلق من هذا الأمر بالذات.