جاء اعلان المملكة، الأحد، عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، نتيجة طبيعية لممارسات وانتهاكات وتدخلات سافرة قام بها نظام "الملالي" طيلة عقود طويلة، ضد المملكة والعديد من دول الخليج، كان آخرها الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد يوم السبت الماضي، برعاية واضحة من "الحرس الثوري" الذي يعد الذراع القمعية لنظام العمائم. ولأن سجل إيران طويل للغاية، في انتهاك البعثات الدبلوماسية الأجنبية، منها الاعتداء على السفارة الأميركية عام 1979، وعلى السفارة البريطانية عام 2011.. بما يخالف اتفاقية فيينا المنظمة لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية.. ولأن سجلها "الموثق" كان شاذاً للغاية في التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن طهران تقوم بتهريب الأسلحة والمتفجرات والخلايا الإرهابية إلى دول المنطقة بما فيها المملكة العربية السعودية.. لذا كانت خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية متوقعة، بل وضرورية، خاصة بعد تدخلها السافر عقب صدور أحكام القضاء السعودي بتنفيذ القصاص في 45 مواطناً سعودياً، ووافدين اثنين أحدهما مصري، والآخر تشادي، وقيام نظام الملالي "الطائفي" بتنصيب نفسه وصياً على الأخوة الشيعة في العالم، لمجرد أن من بين المجرمين بعض الشيعة، متناسياً إنه بهذا التنصيب، فضح أمر دعمه ورعايته لكل السلوكيات الإرهابية في المنطقة. تاريخ من «التدخل» على مدار التاريخ شهدت العلاقات بين المملكة وإيران شدّا وجذبا، ليكون قرار المملكة بقطع العلاقات، الأحد، هو الثالث في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.. ومنذ توقيع أول معاهدة صداقة في أغسطس 1929 التي أسست لعلاقات سياسية ودبلوماسية وتجارية بين البلدين.. أعقبها في عام 1930 أول تبادل دبلوماسي، تلاه عام 1932 زيارة قام بها وفد سعودي رفيع إلى إيران لتعزيز العلاقات. * حدث أول توتر في العلاقات عام 1943، عندما اعتقلت الشرطة السعودية أحد الحجاج الإيرانيين داخل الحرم المكي وهو يلقي القاذورات على الكعبة الشريفة، ويشتم الرسول والصحابة، ثم أعدمته.. ليتطور الأمر لأزمة أدت في النهاية إلى قطع تلك العلاقات السياسية. * وحرصاً من المملكة على تصفية الأجواء، ولتقديم بادرة بحسن النوايا، استؤنفت العلاقات بين البلدين، بدعوة مباشرة من الملك عبدالعزيز «طيب الله ثراه» عام 1946، على أساس المصالح المشتركة. * توترت العلاقات مرة اخرى عام 1960، بعد اعتراف إيران بإسرائيل ك"دولة"، لكن إيران سارعت إلى توضيح موقفها للسعودية، وأوضحت أنها لن تعترف بإسرائيل قانونيًا ولن تتبادل معها البعثات الدبلوماسية، لتظل العلاقات قوية. * عام 1968 خيم التوتر مرة أخرى، بعد انسحاب البريطانيين من البحرين وزيارة الشيخ عيسى آل خليفة أمير البحرين (وقتها) إلى المملكة، حيث رأت طهران أن استقبال الشيخ عيسى اعتراف سعودي بالدولة الجديدة، وهددت باحتلال البحرين. * استمر التوتر حتى عام 1986 حين حاول بعض الحجاج الإيرانيين إدخال مواد متفجرة إلى المملكة، وهو ما فاقم الوضع، وبعد ذلك وفي عام 1987 حاول حجاج إيرانيون إثارة الشغب وهتفوا بشعارات تندد بموقف السعودية من الاحتلال الإسرائيلي.. وتتأزم الأمور أكثر عام 1988 حينما قام حجاج إيرانيون بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج، ودخلوا في اشتباكات عنيفة مع الشرطة السعودية، تنديداً بالموقف السعودي الداعم للعراق خلال الحرب العراقيةالإيرانية، أسفر عنها مقتل وإصابة المئات، لتقوم المملكة بقطع العلاقات للمرة الثانية. - في موسم الحج الماضي، خيم التوتر مرة أخرى، عقب حادث التدافع في منى، الذي راح ضحيته العشرات من الحجاج من جنسيات مختلفة، حيث صعّدت إيران من لهجتها المعادية للمملكة وحاولت استغلال الموقف لتأليب العالم، وتحقيق مكاسب سياسية. سلوكيات مخزية السلوكيات الإيرانية، لم تكن مع المملكة وحدها، ولكنها طالت ربما جميع دول الخليج، ودولاً عربية أخرى، من احتلال الجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، إلى محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الأحمد الصباح في ثمانينيات القرن الماضي، إلى التهديدات المتواصلة لمملكة البحرين الشقيقة وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، والتورط في تهريب متفجرات، ورعاية أعمال شغب وعنف في البحرين والمملكة، واستخدام ذراعها الإرهابية "حزب الله" اللبناني لتعقيد المشهد اللبناني وإعاقة انتخاب رئيس، ورعاية شبكات تجسس في كل من الكويت والإمارات، وإثارة القلاقل في المملكة عبر حوادث عدة، والوصول للتدخل في شؤون المملكة المغربية التي قطعت العلاقات معها قبل سنوات، وكذلك رعاية المد المذهبي وتأجيجه في العراق وسوريا ولبنان ومصر، وتدخلها السافر بجانب نظام بشار الأسد في حربه على الشعب السوري، ورعايتها المباشرة لجماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، والتي اغتصبت السلطة واحتلت صنعاء، ولا تزال تلعب دور القاتل المأجور لكل ما هو يمني، وتمجيدها أشخاصاً ارتكبوا جرائم في بلادهم، مثل إطلاقها اسم خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات على واحد من أهم شوارع طهران، وغيرها من الممارسات العدائية ضد كل ما هو عربي، كل ذلك يوضح أن سياسة ملالي إيران تتشدق بالإسلام، ولكنها تقوم بالدور الأسوأ في التاريخ العربي الحديث. تصريحات مجنونة ملالي إيران، وأذرعهم الإرهابية، الذين جنّ جنونهم، وفقدوا صوابهم، صعدوا من تصريحاتهم العدائية ضد المملكة، التي حاولت عدم الانجرار إلى معركة تافهة. مسؤولو وملالي إيران، سبق لهم في الأسابيع الماضية، التهديد باحتلال مكة والمدينة رداً على إعدام الإرهابي نمر النمر، منهم القائد في مقر "عمار الاستراتيجي"، التابع للحرس الثوري الإيراني، رضا بناهيان، الذي قال: إن "طريق القدس يمر من مكة والمدينة". وأضاف في كلمته أمام قادة وضباط الحرس الثوري: "إذا كان الإمام الخميني يقول إن طريق القدس يمر من كربلاء، فإن كربلاء قد تحررت اليوم، وإننا نحتاج إلى جناح آخر وهو تحرير مكة والمدينة من السعوديين". شجاعة سعودية نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق، ورئيس المركز المصري للبحوث والدراسات، اللواء عبدالحميد خيرت، الذي قدم التحية للمملكة على تنفيذ أحكام القصاص من هذه المجموعة التخريبية، وصف رد الفعل الإيراني على إعدام الإرهابي النمر بأنه يؤكد "الدور الذى كان يلعبه هذا الداعية الإرهابي الذى لا تربطه بالسعودية سوى كونه حاملا لجنسيتها فقط.. أما ولاؤه فكان لإيران فقط". وأضاف في تصريح خاص: إن "مواجهة الإرهاب بكل قوة فرض عين على كل مواطن.. يلتزم به أمام الله والوطن". وأضاف: إن إيران ترتكب العديد من المجازر والإعدامات البشعة في مواطنين لكونهم مجرد معارضين، مشيراً إلى مشاهد جثثهم المعلقة لساعات على الرافعات بشكل غير إنساني، وبأحكام تفتقد للعدالة والنزاهة. واستدل اللواء خيرت بما نشرته تقارير إخبارية موثقة عن إعدام النظام الإيراني لعشرات من أشخاص "سُنّة"، ومن عرب الأحواز.. وتساءل: كيف تدعي إيران وصايتها ومطالبتها بحقوق "الشيعة"، فيما هي تمنع وتحظر على مواطنيها السنة ممارسة شعائرهم الدينية، وتحظر على الأشقاء الأحوازيين التحدث بالعربية والتعليم والتوظيف وغيرها؟ لن ترهب السعودية من جهته، أكد مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، اللواء علاء بازيد، ان تهديدات قادة وملالي إيران "لن ترهب الشعب السعودي" الذي يعي تماماً أبعاد مؤامرة إيران ضدهم، مضيفا: ان السياسة الإيرانية الحالية، تدخل ضمن أجندة المخطط التآمري الكبير، في إعادة تقسيم الشرق الأوسط لضمان استمرار هيمنتها ووهم امبراطوريتها القديمة. ووصف خطوة قطع العلاقات مع إيران، بأن لكل دولة أن تتخذ ما تراه مناسبا لتأمين أرضها وشعبها وثرواتها ومصالحها من الأخطار المحدقة بها. أول الخطوات بالسياق، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير أحمد القويسني، قطع العلاقات بين السعودية وإيران بأنها "أولى الخطوات التصعيدية، بعد تصريحات طهران العدائية". وأضاف: إن المملكة يمكنها تقديم شكوى لمجلس الأمن، وأيضا طلب انعقاد اجتماع عاجل للجامعة العربية لمناقشة ما تفعله إيران وكسب تأييد الدول الخليجية. أقل واجب فيما اتفق مساعدا وزير الخارجية الأسبق، السفير نبيل بدر، والسفير جمال بيومي على أن العدوان على البعثات الدبلوماسية أمر مرفوض تمامًا وفق اتفاقية فيينا و"خروج عن المألوف".. دعا عضو مجلس النواب المصري، عبدالرحيم علي، لعزل إيران سياسيًا على مستوى المنطقة. وأيضاً، أشار الدكتور طارق فؤاد استاذ العلوم السياسية إلى أن الممارسات الإيرانية بالشرق الأوسط دمرت البلاد وقسمتها وأسست فى كل بلد عربى ميليشيات مسلحة لها لتصبح خنجرا مسموما في ظهر الأنظمة العربية.