بدأت أوروبا العام الجديد بمخاوف أمنية متزايدة، إذ أخلت الشرطة الالمانية محطتين للقطارات في ميونيخ بعد تلقيها معلومات عن هجوم انتحاري مزمع كما اعتقلت بلجيكا ثلاثة أشخاص في مؤامرة مزعومة. ورفعت قوات الأمن في العديد من العواصم الأوروبية حالة التأهُّب بعد عام شهد هجمات شنّها متشددون من بينها هجمات باريس في نوفمبر تشرين الثاني التي أسفرت عن مقتل 130 شخصًا، وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عنها. وانتشر الجنود في العاصمة الفرنسية وزادت قوات في لندن ومدريد وبرلين واسطنبول من تواجدها خلال الاحتفالات بقدوم عام 2016. وفي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في كلمة متلفزة مساء الخميس بمناسبة بدء العام الجديد ان فرنسا «لم تنته بعد من الإرهاب»، معتبرًا ان «التهديد لا يزال قائمًا لا بل يبقى في اعلى درجاته». وبعد ان وجّه تحية الى ضحايا الاعتداءات التي حصلت في يناير (17 قتيلًا) ونوفمبر (130 قتيلًا) في باريس، أضاف: «رغم المأساة فإن فرنسا لم تتراجع، ورغم الدموع فهي تبقى واقفة» مشيدًا بقوة منظومة قيمها. وقال انه من اجل التحرك ضد «جذور الشر»، فان فرنسا ستواصل ضرباتها ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا «فالضربات تؤتي ثمارها والمتطرفون يتراجعون. وبالتالي سنستمر طالما كان ذلك ضررويًّا». وعلى الصعيد الداخلي، دعا الرئيس الاشتراكي، البرلمان الى «تحمُّل مسؤولياته» عبر إقرار إصلاح دستوري اقترحه من اجل إعطاء «اساس صلب» لحالة الطوارئ ونزع الجنسية عن فرنسيين تمت إدانتهم بقضايا ارهابية ويحملون جنسية أخرى. وهذا الاجراء الاخير ينال شعبية قوية لدى الفرنسيين، ويثير اضطرابًا في صفوف اليسار. وقال هولاند: «النقاش شرعي وانا احترمه» ولكن «عندما يتعلق الامر بحمايتكم، يجب على فرنسا ألا تكون غير متحدة». وتابع: «في عام 2016، سنكافح الإرهاب.. نعم بالتأكيد، وبشكلٍ مكثّف، ولكن أيضًا سنكافح كل ما يقسّم مجتمعنا ويغذي الانطواء والاقصاء» مشيرًا الى «حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية». والوضع الاقتصادي والاجتماعي احد العوامل الرئيسية في تقدُّم الجبهة الوطنية من اليمين المتطرف التي فازت بنسبة 28% من الاصوات في انتخابات المناطق في ديسمبر. ونتيجة لذلك، فان البطالة التي تطال اكثر من 10% من القوى العاملة، «لا تزال أهم أولوياتي» كما قال هولاند. وكرَّر القول إنه لن يسعى الى ولاية ثانية في عام 2017 إذا لم تنخفض البطالة بشكل «موثوق». وفي نيويورك عززت السلطات إجراءات الأمن خلال الاحتفال التقليدي بإسقاط كرة من الكريستال في ساحة تايمز سكوير والذي احتشد أكثر من مليون شخص لمتابعته. وخيَّمت الكآبة على الاحتفالات في ألمانيا حينما حذرت الشرطة من هجوم إرهابي محتمل، وأخلت محطتي قطار في ميونيخ قبل ساعة من حلول منتصف الليلة قبل الماضية. وقال مسؤولون ألمان في مؤتمر صحفي امس الجمعة إن السلطات تلقت معلومات من جهاز مخابرات دولة صديقة بأن تنظيم داعش خطّط لتنفيذ هجمات في ميونيخ بالاستعانة بنحو سبعة انتحاريين. ولم يُحدد المسؤولون الدولة التي قدّمت المعلومات لكن التليفزيون الالماني ذكر في تقرير لم ينسبه لمصادر أنها وردت من فرنسا. وقال وزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان في مؤتمر صحفي أمس: أعتقد أن هذا القرار كان صائبًا لأنني اعتقد اننا لا نستطيع المخاطرة عندما يتعلق الأمر بتهديداتٍ محددة في أماكن محددة وتوقيت محدد». وأُعيد فتح المحطتين وهما محطة ميونيخ الرئيسية ومحطة باسنج التي تبعد عنها نحو ثمانية كيلو مترات في وقت لاحق لعدم توافر ما يثبت صحة المعلومات. وشهدت ألمانيا تحذيرًا مماثلًا في الآونة الاخيرة. ففي 17 نوفمبر، اي بعد 4 أيام من اعتداءات باريس التي خلّفت 130 قتيلًا، تم في اللحظة الاخيرة إلغاء مباراة ودية في كرة القدم بين ألمانيا وهولندا بسبب تهديد باعتداء. وافادت الشرطة المحلية يومها ان لديها «مؤشرات جدية الى التخطيط لاعتداء بواسطة قنبلة في الملعب»، في المساء الذي تقام فيه المباراة. لكن المحققين لم يعثروا على اي عبوة ولم يعتقلوا اي مشتبه به. ولاحقًا، رفضت السلطات الالمانية مرارًا الإدلاء بمعلومات عن طبيعة التهديد وحجمه ومصدره. وذكرت بعض وسائل الإعلام الالمانية ان التحذير نقلته الاستخبارات الفرنسية. وأحيطت احتفالات رأس السنة هذا العام خصوصًا في القارة الاوروبية بتدابير امنية مشددة نتيجة المخاوف من تهديدات ارهابية على خلفية اعتداءات باريس. وفي بلجيكا قالت الشرطة الخميس إنها تحتجز ثلاثة أشخاص لاستجوابهم في إطار تحقيق في مخطط لتنفيذ هجوم في بروكسل عشية رأس السنة. وألغت السلطات الأربعاء عرض الألعاب النارية الذي يقام عادة بمناسبة العام الجديد في العاصمة مشيرة الى مخاوف من هجمات محتملة للمتشددين. وألقت الشرطة القبض على ستة أشخاص بعد مداهمة ستة مواقع في العاصمة البلجيكية وموقع خارج المدينة. كما ضبطت أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة وأدوات لرياضة الإيرسوفت التي تستخدم فيها بنادق لإطلاق مقذوفات بلاستيكية غير فتاكة. وفي اسطنبول التي تربط بين قارتي أوروبا وآسيا قالت الشرطة إنها زادت عدد أفرادها في شوارع المدينة إلى نحو عشرة آلاف. وألقت الشرطة التركية يوم الأربعاء القبض على شخصين يشتبه بانتمائهما لداعش، ويعتقد أنهما كان يخططان لهجمات انتحارية عشية العام الجديد في العاصمة أنقرة.