لا يوجد حدث رياضي يعتبر أكثر شعبية من كأس العالم.. ما يقرب من نصف البشرية - أكثر من 3.2 مليار شخص - جلسوا أمام أجهزة التلفزيون لمشاهدة المباريات التي امتدت شهرا في البرازيل في عام 2014، ولكن قبل فترة طويلة من تنافس الدول على أرض الملعب، كانوا يتنافسون على هيبة استضافة مشهد تتويج أفضل فريق لكرة القدم. تلك المنافسة يمكن أن تخلق المتاعب. وتعاني رياضة كرة القدم من فضائح الفساد، وتم إلقاء اللوم على الكسب غير المشروع في تضخيم التكاليف في البرازيل.. انها منذ الآن مشكلة تعاني منها البطولات المقبلة في روسيا وخاصة قطر.. وعمليات التربح أعطت سياقا جديدا لسؤال قديم قدم الحدث نفسه: هل الفساد يلطخ هذه اللعبة الجميلة بصورة لا تمحى؟ يوم 21 ديسمبر، حظرت الفيفا، الهيئة الحاكمة لكرة القدم، رئيسها سيب بلاتر، من هذه الرياضة لمدة ثماني سنوات وتغريمه 50 ألف فرنك سويسري (50 ألف دولار) حول دفع مبلغ غير مسموح به يبلغ 2 مليون فرنك إلى ميشيل بلاتيني، رئيس كرة القدم في أوروبا. وتم حظر بلاتيني أيضا لمدة ثماني سنوات وفرض غرامة قدرها 80 ألف فرنك، وقد تصاعدت الضغوط على بلاتر بعد أن داهمت الشرطة السويسرية أحد الفنادق الفاخرة في زيوريخ في شهر مايو ثم فتحت تحقيقا جنائيا. واتهمت وزارة العدل الأمريكية مسؤولين في الفيفا بالابتزاز والاحتيال ومؤامرات غسل الأموال، مما أدى إلى اعتقال أولي اشتمل على 14 تنفيذيا حاليا أو سابقا. ويوم 3 ديسمبر أدت غارة أخرى للشرطة على نفس الفندق في زيوريخ إلى اعتقال 16 شخصا آخر من بينهم اثنان من نواب رئيس الفيفا. وكان الفيفا تحت أنظار الجهات القانونية قبل وقت طويل من الغارات: تحقيقها الذي امتد لمدة عامين حول كيفية فوز روسياوقطر بعطاءاتهم لم تنشر نتائجه أبدا بالكامل، والرجل الذي قاده استقال احتجاجا على عدم نشر نتائج التحقيق. وأصبحت المدفوعات للدول الفقيرة الموضوع الذي تتركز عليه التحقيقات؛ لأن جميع أعضاء الفيفا والبالغ عددهم 209 لديهم تصويت متساو. وكانت هناك دعوات لتجريد قطر من حدث 2022، بعد مزاعم بأنها دفعت رشاوي لمسؤولين يحبذون هذه الإمارة الصحراوية الصغيرة، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 50 درجة مئوية. وتمت تبرئة قطر من خلال تحقيق الفيفا. وتعتزم قطر أن تنفق بسخاء مبلغ 200 مليار دولار لتوفير الملاعب المكيفة والبنية التحتية ذات الصلة. وفي مارس، قال الفيفا: سيتم اختصار البطولة في قطر، وسيتم نقلها إلى فصل الشتاء لتجنب أشعة الشمس الحارقة. والخلافات بشأن مكان عقد نهائيات كأس العالم هي أمور كان يعاني منها هذا الحدث منذ لعبت هذه الرياضة لأول مرة في عام 1930، عندما أدى اختيار أوروغواي إلى وجود أربعة فرق أوروبية فقط تقوم بالرحلة للمشاركة في المباريات التي تستمر لثلاثة أسابيع. بعد ثماني سنوات، قاطعت أوروغواي والأرجنتين المسابقة عام 1938؛ لأنه تم إعطاء هذا الحدث لأوروبا للمرة الثانية على التوالي، وجرب الفيفا الدوران حول القارات؛ الآن سوف تأخذ العروض فقط من تلك القارات التي لم تستضف أيا من البطولتين الماضيتين. ويبين التاريخ الحديث أن هناك القليل - إن وجد - من الفائدة المالية التي تعود على البلد نتيجة استضافة كأس العالم. فجنوب أفريقيا، على سبيل المثال، استردت فقط عُشر الأموال التي أنفقتها على الملاعب والبنية التحتية للبطولة عام 2010، الأولى من نوعها في أفريقيا. وبطولة روسيا عام 2018 يمكن أن تصبح مصدرا للتوتر مثل الألعاب الأولمبية التي أقيمت في سوتشي في عام 2014، والتي ظهرت مخاوف بشأن الكسب غير المشروع والحقوق المدنية وتلاه ضم روسيا لجزء من أوكرانيا. مزاعم حول منح مكان البطولة إلى قطر، الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، بدأت تطفو على السطح بسرعة بعد أن تغلبت على المنافسة من الولاياتالمتحدة واستراليا وكوريا الجنوبية واليابان في عام 2010. ورغم أن كندا وكولومبيا والمكسيك والولاياتالمتحدة تفكر في تقديم عروض لاستضافة البطولة 2026، لا تعتزم الولاياتالمتحدة تقديم عروضها إلا إذا كان هناك مزيد من الشفافية في التصويت. ونشر كأس العالم في جميع أنحاء المعمورة يدفع عجلة تطور هذه الرياضة. تحت رئاسة بلاتر، قال الفيفا: إنه دفع البطولة في "أراض جديدة" لاعطاء البلدان فرصة لعرض ثقافتها على الساحة الدولية. ومنتقدو عملية الاختيار يستشهدون بالمشاكل المؤسسية والفلسفية على حد سواء، والبعض يسلط الضوء على أن إقامة البطولة في البلدان النامية - مثل البرازيل - هو مشروع خاسر، وأن من الأفضل لها أن تنفق الأموال بطرق أخرى. ويقول آخرون: إن عملية الاختيار تحولت إلى مهزلة بسبب الفساد الذي تغذيه مليارات الدولارات التي يتم كسبها من حقوق البث التلفزيوني. في حين يقول الفيفا: إنه يريد اقتلاع المشاكل وإجراء تغييرات على مبدأ الحوكمة بداخله، ويقول النقاد: إن هذه التغييرات لم تذهب بعيدا بما فيه الكفاية. وبعض الشركات الراعية للفيفا طالبت بعزل بلاتر، بما في ذلك شركة كوكا كولا، وفيزا وماكدونالدز. ومن بين الجهات الراعية لكأس العالم هناك سوني وأديداس، وقد قدمت الجهات الراعية إلى الفيفا إيرادات وصلت إلى 1.6 مليار دولار لكأس العالم. يشار إلى أن شركة طيران الإمارات، ومقرها دبي، وشركات أخرى أعلنت أنها توقفت عن رعاية مناسبة الفيفا.