الميزانية الضخمة التي أقرها الكونجرس الأمريكي تشتمل، من بين عدد من الأحكام غير المرقمة، على إجراء تأخر اتخاذه بشكل مخجل. منذ عام 2010، أدى شلل الكونجرس إلى حظر الموافقة على تغيرات كانت هناك حاجة ماسة إليها في صندوق النقد الدولي، والقانون الأخير يسمح الآن بالمضي قدما في التغييرات المذكورة. وهذا يعد خبرا جيدا، فهو يخدم مصلحة الولاياتالمتحدة بقدر ما يخدم المصالح العالمية، لكن التأخير الذي طال عليه الأمد يلفت النظر إلى مشكلة أعمق من ذلك، وهي مشكلة لا تزال بلا حل. وأعني بذلك أن الولاياتالمتحدة، بدلا من أن تقود صندوق النقد في أعماله الحيوية، فإنها مستمرة في أن تقبل بدور المتفرج الذي لا يعجبه شيء. قبل 5 سنوات، اتفق أعضاء الصندوق، من بين أشياء أخرى، على زيادة الموارد المالية للصندوق وإعادة توزيع حقوق التصويت للبلدان - وهو إجراء يقصد منه بالدرجة الأولى تحويل التصويت من أوروبا وإعطاء المزيد من الصلاحية لاقتصادات الأسواق الناشئة الكبيرة، خصوصا الصين. وكان من اللازم الحصول على موافقة الكونجرس، الذي لم يمنح موافقته إلا في القانون الأخير. (بالمناسبة، هناك مراجعة لنظام الحصص كان من المقرر أن يتم العمل بها بحلول عام 2014، لكنها لا تزال معطلة في الكونجرس). وحين يتمتع صندوق النقد الدولي بالقدرة على العمل دون معيقات، فإن هذا يعتبر أداة لا بد منها في تعزيز الاستقرار الاقتصاد العالمي. ويستطيع الصندوق أن يساند الحكومات التي تفقد القدرة على اللجوء إلى أسواق المال، وأن يطالب بإجراء إصلاحات في المالية العامة وفي مجالات أخرى مقابل دعم الصندوق، كما أنه منتدى لتنسيق السياسة النقدية الدولية وإجراء التحليلات. وهذه الأدوار تكتسب أهمية ضخمة في أوقات الاعتلال الاقتصادي العالمي. إن سجل أداء الصندوق ليس مثاليا، وهناك حاجة إلى إدخال تغييرات أخرى، لكن ليس هناك أي شخص يعتقد أن دور الصندوق ليس ضروريا. الولاياتالمتحدة، من باب الإهمال وليس بسبب أية حسابات لديها، قالت: إنها ليست مهتمة كثيرا بتحديث أوضاع صندوق النقد، وإنها لا تكترث بالاعتراف بالوضع الجديد للصين وغيرها من الاقتصادات الكبيرة في الأسواق الناشئة. ومن الناحية العملية، يتلخص موقف الولاياتالمتحدة نحو صندوق النقد بعبارة "هذا لا يهمنا". لكن ألم يعمل قانون الميزانية الأخير في الكونجرس على تصحيح الأوضاع أخيرا؟ أليس من الأفضل أن تصل متأخرا بدلا من ألا تصل أبدا؟ هذا سيكون افتراضا في غاية التفاؤل. وضمن القانون الأخير، وضعت الأحكام الخاصة بصندوق النقد ضمن عدد كبير من الأحكام التي لم تتم مناقشتها على الوجه السليم أو تفسيرها للناخبين. والحجة الداعية إلى تصويب أوضاع صندوق النقد وتزويده بالموارد المالية اللازمة هي حجة قوية للغاية، وينبغي أن تتقدم الولاياتالمتحدة بهذه الحجة، وكلما فعلت ذلك، كان من الأفضل بالنسبة إليها أن تعمل على تحديث وقيادة هذه المؤسسة المهمة. إن إصلاح صندوق النقد خلسة، بعد تأخير لا داعي له، هو أفضل من عدم القيام بأي شيءن لكن من أجل مصلحة الولاياتالمتحدة، ومصلحة جميع الأطراف الأخرى، ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تقوم بأداء أفضل في هذا المجال.