خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمام مجلس الوزراء، في إعلان ميزانية المملكة لعام 1437-1438، لخص بشكل مبدع وباهر، الهدف من السياسة الاقتصادية الجديدة للمملكة، حيث قال -حفظه الله- «وجهنا المسؤولين بمواصلة التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في كافة المناطق». والهدف كان ولا يزال، هو خدمة المواطن، الذي هو محور اهتمام القيادة السعودية. لقد جاء الإعلان عن الميزانية، في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد، وصفها البيان السامي، بكونها تمثل تحديات اقتصادية ومالية وإقليمية ودولية. وقد كان التحدي مبعث تحريض للبناء، وإعادة هيكلة الاقتصاد على أسس علمية دقيقة، بحيث لا تبقى بلادنا أسيرة لسعر النفط وتقلباته في الأسواق العالمية. وهكذا جاءت المراسم الملكية، متماهية، وملبية لمتطلبات المرحلة. وليكون اقتصادنا راسخا ومتينا، بحيث تتجه البلاد بقوة وثبات، نحو خصخصة المؤسسات الحيوية، بما يخلق بدائل عملية، عن الاعتماد عن النفط، ويحقق التنمية المستدامة لبلادنا. ويتوقع أن تبلغ موارد المملكة خلال هذا العام، من غير الإيرادات النفطية مستوى 29%. والأمل كبير، في زيادة هذه النسبة، مستقبلا، إلى أن يحين الوقت الذي يحدث فيه التعادل، في الميزانية بين الموارد النفطية والموارد الأخرى. والأمل كبير، في أن تتكفل السياسة الاقتصادية الجديدة، بشكل تدريجي من تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، والحد من الهدر في المال العام. جاءت أرقام الميزانية المعلنة، للسنة القادمة، لتؤكد أن الإنسان هو الهدف الأول للتنمية. فكان نصيب التعليم والصحة، هو حصة الأسد في هذه الميزانية، بعد التأكد من قوة ومنعة جهازي الدفاع والأمن، الحارسين الأمينين، والمدافعين عن حياض الوطن وأمنه. فقد حرصت القيادة السعودية، رغم صعوبة الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم، وما نشهده في بلدان عربية عدة من انهيارات وعدم استقرار، على أن تكون الخدمات المقدمة للمواطن السعودي، أقل في كلفتها على المواطن، من نظيرتها ليس فقط على صعيد الجوار، وإنما على صعيد العالم بأسره. والأهم أن ذلك جاء متزامنا، مع خطوات أخرى، لا تقل أهمية، وعلى رأسها استمرار معدلات التنمية والإنتاج بخطوات مطردة، من أجل خلق اقتصاد سعودي متين. وصدرت قرارات الترشيد، بهدف الحفاظ على المال العام، واعتماد أولويات الصرف، بما يمكن من مواصلة المسيرة بسهولة ويسر، ويحقق الكفاءة في الإنفاق، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي. وليس من شك في أن إعادة هيكلية الاقتصاد، بشكل عملي وواقعي، سوف تسهم في دعم وتوسيع المشاريع التنموية والخدمية، ذات العوائد الإيجابية، في تنمية الموارد البشرية. كما ستؤدي إلى تطوير المرافق والخدمات الحكومية. وسوف تسهم في خلق فرص جديدة للعمل، بما يسهم في تقليص نسب البطالة بشكل كبير، ويقوى أداء القطاعين العام والخاص. يحدث ذلك في ظل استقرار وأمن، بات عزيز المنال على كثير من جوارنا. أدام الله علينا هذه النعمة، ووفقنا لغفرانه ورضاه.