أيام قليلة وتشرق علينا شمس عام 2016م، جعله الله عام خير وأمن وآمان علينا وعلى الأمة الإسلامية. نستقبل عام 2016 بنظرة اقتصادية مختلفة عن الأعوام العشرة الماضية. هذه السنة المالية القادمة تبدأ وأسعار البترول في أدنى مستوياتها خلال هذا العقد. إن انخفاض البترول وارتفاعه يرتبط ويؤثر بطريقة عكسية بأسعار الدولار، العملة الدولية الأكثر طلبا وتحديدا لأسعار السلع والبضائع. فمنذ موجة ارتفاع أسعار البترول قبل عشر سنوات وارتفاع تكاليف الإنتاج بدءا من أسعار الطاقة المشغلة للمصانع مرورا بالمواد الأساسية للبتروكميكال وما يصاحبه من المواد الاستخراجية والموارد الطبيعية الأخرى. وقس على ذلك أسعار النقل والشحن؛ يتزامن ذلك كله مع ارتفاع أسعار التأمين على الشحن، هذا كله جعل أسعار السلع ترتفع بشكل متسارع ومتضخم. توج ذلك بارتفاع تكاليف الأيدي العاملة سواء دخل المملكة العربية السعودية أو خارجها. إذن، كان البترول المحرك الأساسي في ارتفاع السلع والبضائع والخدمات وانخفاض سعر الدولار واضطراب أسعار السلع والخدمات. لكن الآن نرى أن السبب الأول للتضخم الذي هو البترول يعود إلى سابق عهده قبل أكثر من عشر سنوات، يضاف إلى ذلك أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد أعلن عن رفع نسبة الفائدة ربع نقطة على الدولار. هذا من شأنه أن يزيد قيمة الدولار مقابل العملات الدولية الأخرى؛ مما ينعكس على اسعار السلع المصدرة من تلك الدول. كما ان ارتفاع سعر الفائدة على الدولار يؤثر على الدول التي ترتبط عملتها بالدولار. ولهذا نرى أن قرار مؤسسة النقد العربي السعودي، رفع معدل سعر الفائدة التي تحصل عليها المؤسسات المالية مقابل إيداع أموالها لدى مؤسسة النقد العربي السعودي. سيؤثر سلبا على الاستهلاك والاستثمار؛ بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض الذي يؤثر على القروض المصرفية، وقد يكون أكبر متضرر منه هو قطاع البناء والتشييد بالنسبة للأفراد خاصة وقطاع التصنيع والإنتاج بالنسبة للشركات. كما أن سعر الذهب في الأسواق العالمية سيتأثر؛ بسبب قلة الطلب عليه لإتجاه المؤسسات المالية الى شراء الدولار بدلا عن الذهب. هذا سينعكس على الاسعار في الأسواق العالمية بانخفاضه. إذن، كل المؤشرات العالمية تدل على انخفاض او انكماش الاقتصاد العالمي، وهذا سينعكس حتما على الأسعار المحلية في السوق السعودي. إذن أسعار السلع الآن هي أعلى من قيمتها الحقيقية فأسعار العقارات والسيارات والآلات والمعدات والذهب والخدمات قد تعود الأسعار الى ما قبل الطفرة البترولية الأخيرة إن لم يكن بشكل كامل فقريبا منها، إلا أن الوقت سيكون كفيلا بارجاع كثير من الأسعار إلى قيمتها الحقيقية. فقيمة النقد الآن أعلى من قيمة السلع وخيارات الشراء قد تكون غير مجدية حتى تتضح الصورة في الأيام القادمة.