قد يمرض قريب لك أو صديق فتتجه لعيادته والاطمئنان على صحته، مبتغياً بذلك الأجر الكبير من الله تعالى، ويدل على ذلك ما روي عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا، فَإِنَّمَا يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ، فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لِلصَّحِيحِ الَّذِي يَعُودُ الْمَرِيضَ، فَالْمَرِيضُ مَا لَهُ؟ قَالَ: تُحَطُّ عَنْهُ ذُنُوبُهُ. أخرجه أحمد. أتأمل في نوعيات الزائرين والمرضى.. فأخرج بعدد من الصور والمواقف التي تظهر شخصياتهم؛ أتتني هذه الخاطرة وأنا أزور بعض المرضى، ورأيت بعض الزوار فكان منهم خفيف الظل جميل اللفظ وبعضهم أقل وهكذا، وقد ترى من لا يحسن الكلام أو لا يجيد اختيار الوقت، ولذا يحسن بالزائر أن يتفطن لفن زيارة المريض والتي تتطلب عددا من الأمور منها: 1. اختيار الوقت حسب ظرف المريض وعلاجه، والغالب أن المشافي ترتب المواعيد لكن التأكد أفضل خاصة من قريب أو مرافق. 2. مراعاة الحال، سواء في أوقات الطعام والراحة، وهل في البيت أم في المشفى؟ فالبيت حقه خاص يحتاج استئذاناً، والمشفى مفتوح المجال فيحتاج ترتيباً، كذلك عدم الإطالة في البقاء مالم يلح المريض بذلك. 3. مساندة المريض ودعمه نفسياً، فذلك ينفس له ويذيب همومه مما يؤدي لتقوية مناعته النفسية وبالتالي تقوى مناعته الجسمية، فتكافح المرض، وقد مر علي من ذلك نماذج في الواقع وثبت ذلك في الأبحاث. 4. التبشير وتذكيره بالأجر من الله ورحمته، بحسن اختيار اللفظ والكلمات المحفزة المبشرة، مما يحدث تفاؤلاً واطمئناناً لديه، فينتقل المريض من الشكوى أو اليأس إلى الرضا والفأل، وفي الأثر أن أحد الصحابة وهو شَدَّاد بن أوس رضي الله عنه، قد زار مريضاً فواساه قائلاً: أَبْشِرْ بِكَفَّارَاتِ السَّيِّئَاتِ وَحَطِّ الْخَطَايَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: إِنِّي إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنًا فَحَمِدَنِي عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا، وَيَقُولُ الرَبُّ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِى وَابْتَلَيْتُهُ، وَأَجْرُوا لَهُ كَمَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ". حديث صَحِيح أخرجه أحمد. 5.. الجمع بين الدعاء والذكر في زيارته فالذكر يجلب الخير والملائكة، والدعاء يستنزل الرحمة والشفاء، وعن عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعُودُهُ وَبِهِ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِشِدَّةٍ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَشِىِّ وَقَدْ بَرِئَ أَحْسَنَ بُرْءٍ فَقُلْتُ لَهُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ غُدْوَةً وَبِكَ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ بِشِدَّةٍ، وَدَخَلْتُ عَلَيْكَ الْعَشِيَّةَ، وَقَدْ بَرِئْتَ؟! فَقَالَ: يَا ابْنَ الصَّامِتِ إِنَّ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- رَقَانِى بِرُقْيَةٍ بَرِئْتُ أَلاَ أُعَلِّمُكَهَا؟ قُلْتُ: بَلَى! قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ حَسَدِ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ، بِسْمِ اللَّهِ يَشْفِيكَ. أخرجه أحمد والنَّسَائي. إن من استحضر هذه المعاني والأساليب في عيادة المرضى، أصبح سبباً للسرور والشفاء ورسم البسمة على شفاههم وسعادة أرواحهم، شفى الله مرضانا ومرضاكم، ورزقنا الصبر والرضا والحمد.