يقال: إن أعذب الشعر أكذبه أي أن معظم القصائد الجميلة التي نسمعها تتحدث عن قصص غير حقيقية، ذات مرة تناقشت مع أحد الشعراء المعروفين. وقال: إن القصائد تأتي من قصص وهمية لا وجود لها بمعنى أن الشاعر يبحث عن الفكرة المميزة وعندما يجدها يحاول أن يصيغها بأسلوب جميل يرتكز على البداية القوية للقصيدة، ومن ثم الاسترسال بباقي الابيات حتى تكتمل. هذا الكلام بالطبع لاينطبق على جميع الشعراء ، لكن الغالبية منهم تجدهم يحاولون أن يخوضوا تجارب وهمية لا مكان لها إلا بخيالاتهم ليخرجوا لنا بقصيدة شعرية تحكي إما عن المعاناة والحرمان والألم أو الوصف الذي يعتبر زائداً عن الحد في حق محبوبته الوهمية التي يلبسها تاج الحسن والجمال ويضعها على هرم ملكات جمال الكون من خلال هذه القصيدة. وإذا عدنا لبداية هذا المقال الذي ذكرت فيه أن أعذب الشعر أكذبه فإن هناك الكثير من الشعراء سبق أن أكدوا هذا الأمر من خلال قصائدهم وأراهم قد وافقوني على ذلك ، على سبيل المثال الشاعر حامد زيد الذي قال في بيت شهير منذ سنوات : دايم أعرف إن كل شاعر يهيم بكل واد وأنهم دايم يقولون مالا يفعلون وأيضاً الشاعر ضيدان بن قضعان الذي قال في إحدى أجمل قصائده : وعلمتها إني كذا طال الزمن ولا قصر وإن أعذب الحب أصدقه وإن أعذب الشعر أكذبه وبرأيي أنه كلما كانت القصيدة صادقة وتشكل واقعاً من حياة الشاعر كانت أكثر قبولاً لدى المتابعين، ذلك لأن الشاعر عندها يتفنن في اختيار الكلمات والصور الجمالية الأخاذة لتظهر بشكلها الحقيقي وليس المزيّف، وعندها فقط تكون القصيدة أعمق وأسمى. أما إذا اتجهنا للطرف الآخر وهن الشاعرات اللاتي يعتبرن أكثر صدقاً وإحساساً من الشعراء - حسب رأيي الشخصي - فإننا نتفاجأ ببعض القصائد الجميلة، لكنها نادراً ما تحمل أفكاراً مميزة، ومن يدري فربما تخضع في نهاية الامر إلى نفس الكلام الذي بدأنا به وهو أن أعذب الشعر أكذبه.