تظل القضية الفلسطينية القضية العربية والإسلامية الأم والأساس في سلام واستقرار المنطقة والعالم، وذلك ما يجعل دور المملكة فاعلا ومؤثرا في تحديد الخيارات الأنسب والأكثر عملية وصولا الى السلام العادل، خاصة بعد أن طرحت المبادرة العربية في قمة بيروت للعام 2002م، والتي كانت ولا تزال كفيلة بحسم الصراع وإيقاف الهدر الإنساني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وإرهاب الدولة الذي تمارسه الدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني. تحركات المملكة على هذا الصعيد ظلت على الدوام تنطلق من مبادئ أخلاقية وإنسانية، وبغض النظر عن العمق العربي والإسلامي، فإن خطاب العالم يتطلب مرتكزات إنسانية في الدرجة الأولى لأن ما يحدث في فلسطين يتضاد ويتناقض مع القواعد الإنسانية، وهناك كثير من المنظمات والناشطين الدوليين يرفضون منهج الدولة الإسرائيلية الذي لا يتعامل بقيم إنسانية مع الصراع في الأراضي المحتلة، ولذلك فإن كل تحرك لتشكيل رأي عام دولي ضد الممارسات الإسرائيلية يتطلب تلك اللغة الإنسانية المشتركة مع محبي السلام وصانعيه ويحاصر إسرائيل في نطاق ضيق، وذلك يعني دعم جهات انسانية لقيادة عمل غير مباشر لصالح القضية. بالنسبة للعمل المباشر تستغل المملكة كل المنابر المتاحة لطرح القضية، بدءا من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظماتها، فهي قضية أممية بلا شك، وقد أسهم ذلك في استعادة كثير من الحقوق الفلسطينية ومنها الاعتراف بعضويتها في المنظمة الدولية ورفع علمها، وذلك كان يتطلب دعما عربيا ظلت المملكة تبذله بجانب القيادة الفلسطينية في كل تحرك يستهدف استعادة الحقوق وتحقيق طموح الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وحماية المقدسات التي يتم تدنيسها بصورة يومية متعنتة ومتعسفة. جهود المملكة في تحقيق السلام في المنطقة جزء من جهودها الإنسانية لسلام البشرية، وبما أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة هي الأخطر على الأمن والسلم الدوليين فإنها بذلك تعمل على تحقيق السلام العالمي بكل طاقتها بما يتناغم مع أدوارها الإنسانية الرائدة، التي تستمر فيها بمنهجية تجعلها الأكثر عطاء وخدمة للإنسانية من واقع دعمها الإنساني الكبير لكل متاعب البشرية دون تمييز ، وفي القضية الفلسطينية فإنها أكبر داعم لها بما يسهم في تحسين حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي أراضيها. تلك الأنشطة امتداد طبيعي لاستراتيجيتها الإنسانية السلمية التي بدأتها منذ التأسيس وحتى اليوم، ولذلك فهو طريق تمضي فيه بلادنا باعتبارها دولة سلام ولها من الفعالية والتأثير في أكثر الملفات تعقيدا ما يؤهلها لأن تصل الى نهايات سعيدة، حيث تجد الاحترام والتقدير من كل الأطراف الدولية النزيهة وليست التي لديها أجندة عدائية وتوسعية على حساب الإنسانية وأمن العالم، ولم يؤخر جهودها أو يبطئ الحلول إلا تلك الدول المعروفة بنزعاتها السلبية تجاه السلام العالمي، وقد عرف العالم من الذين يسعون الى الخير والنماء الحقيقي ومن يعملون على تخريب كل أمن وسلام في أي منطقة بالعالم، ويشعلون الحرائق لأغراضهم الخاصة وغير المشروعة، ولذلك فإن السياسة السعودية تسير وهي يقظة وتعي ما يفعله الآخرون من تخريب متعمد لكل خطوات السلام سواء في محيطنا العربي أو على الصعيد الدولي، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح الذي تسعى اليه المملكة وقوى الإنسانية الشريفة.