سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القمة العربية اللاتينية الرابعة .. رافعة جديدة تقدمها المملكة بقيادتها الحكيمة لشعوب التجمعين دبلوماسي أردني: خادم الحرمين أسس نهجاً جديداً في السياسة الخارجية بات عنواناً لمستقبل تأمله الأمة
تكرس القمة العربية – اللاتينية الرابعة، التي تبدأ أعمالها في العاصمة الرياض اليوم الثلاثاء، محورية المملكة العربية السعودية على المستويين الإقليمي والدولي، وتحيلها إلى مركز إشعاع للقاء الحضاري بين الأمم. وتعتبر استضافة المملكة، لهذه التظاهرة التي تضم زعامات الدول العربية واللاتينية، رافعة جديدة، تقدمها المملكة، بقيادتها الحكيمة، لدول وشعوب التجمعين العربي واللاتيني، اللذين يشكل التعاون فيما بينهما عنوانا لثقل سياسي واقتصادي على المستوى العالمي. وينظر السياسيون والخبراء إلى استضافة الرياض، لهذه القمة، باعتبارها نقطة تحول مهمة، ستلقي بنفعها وفوائدها على الدول العربية واللاتينية، وتؤسس لعلاقات متينة بين الجانبين، رغم المسافات الفاصلة بين العالم العربي والقارة اللاتينية. فرصة تاريخية يقول السياسي والدبلوماسي المخضرم د.كامل أبو جابر، وزير خارجية الأردن السابق، إن "القمة العربية - اللاتينية تشكل فرصة في هذه اللحظة التاريخية، التي تمر بها الأمة العربية والعالم، لعقد تفاهمات عابرة لنمطية التقليدية السائدة منذ عقود، وبما يعزز إستراتيجية الأمة في العلاقات الدولية". ويرى د. أبو جابر، الذي يعتبر من أوائل المنظرين العرب للعلاقات العربية – اللاتينية، أن "الامتداد العربي القومي في دول أمريكا اللاتينية، الذي تشكل منذ أجيال ثلاثة سبقت، يعد أرضية مناسبة لتطوير منظومة التعاون بين الجانبين، بعيداً عن النمطية السابقة من العلاقات، التي لم تتجاوز في جوهرها الشكليات الدبلوماسية". ويقدم أبو جابر، الذي استطلعته "اليوم" من العاصمة الأردنية عمّان، رؤية لمقاربة عربية – لاتينية، قادرة على تعزيز الدور العربي في المنظمات الدولية، وبما يخدم مصالح الأمة في القضايا المصيرية وفي الملفات الطارئة، سواء كان ذلك يتعلق بالقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب المركزية، أو بالملفات الساخنة كالصراع في سورية واليمن. ويؤشر د.كامل أبو جابر الى "أهمية انعقاد القمة العربية – اللاتينية الرابعة في الرياض وفي هذه المرحلة الدقيقة، التي تستدعي إسماع الآخر لحقيقة ما يدور في الإقليم، وضمن رؤية سياسية وسطية ومعتدلة، وهي الرؤية التي تعبر عنها المملكة العربية السعودية". ويقف أبو جابر مطولاً، في حديثه إلى "اليوم"، عند نهج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عزز الله ملكه، ويقول "لقد أرسى خادم الحرمين الشريفين نهجاً جديداً في السياسة الخارجية ليس للسعودية فقط، بل للمنطقة العربية، بات عنواناً لمستقبل تأمله الأمة، يتجلى في مواقف المملكة في التصدي لمساعي وأطماع إيران في اليمن، وكذلك الانحياز للإنسان السوري، الذي يواجه آلة القتل دون نصير". ويعتبر أبو جابر أن "خير من يستعرض موقف الأمة من الملفات المتفجرة في المنطقة هي المملكة العربية السعودية، التي تقدمت الدول العربية وتصدت لما يتهدد الأمة، وهو الموقف الذي تقاعست عنه الكثير من الدول". آمال عريضة ويعلق رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأردني النائب بسام المناصير آمالاً عريضة على قمة الرياض، ويرى أنها "فرصة لتدارك ما فات الدول العربية من علاقات مع دول أمريكا اللاتينية، التي تتخذ مواقف مناصرة للقضايا العربية". ويقول المناصير، في تصريح ل "اليوم" حول قمة الرياض، إن "العلاقات العربية – اللاتينية لم تصل إلى المستوى المطلوب"، مرجعاً ذلك إلى "تقصير عربي واضح". واعتبر المناصير أن "انعقاد القمة الرابعة للدول العربية واللاتينية في المملكة خطوة بالاتجاه الصحيح، خاصة أن استضافة الرياض تضيف للقمة مزيداً من الزخم، لما تحظى به المملكة من مكانة إقليمية ودولية". ويرى النائب المناصير أن "توقيت ومكان انعقاد القمة العربية – اللاتينية، وتوافقه مع الأزمات التي يشهدها الإقليم، يجعلها فرصة نادرة لتوضيح الموقف العربي من الصراع الدائر في سوريا واليمن، وكسب مؤيدين جدد لصالح القضية الفلسطينية، خاصة وأن استضافة خادم الحرمين الشريفين للقمة سيعني بالضرورة استماع زعامات الدول اللاتينية لصوت الاعتدال العربي". ونبه المناصير إلى "أهمية اطلاع دول أمريكا اللاتينية على تفاصيل الاطماع الفارسية والصهيونية، ومساعي إيران وإسرائيل في الهيمنة على المنطقة العربية، والدور السعودي والعربي في التصدي لهذه المشاريع، التي تستهدف النيل من مستقبل الأمة، وبما يسهم في التعاون مع هذه الدول لوقف العبث الإيراني والإسرائيلي في المنطقة عبر أدوات الدول اللاتينية الاقتصادية والدبلوماسية". ولفت النائب المناصير إلى "أهمية القمة في اطلاع زعماء الدول اللاتينية على عدالة القضايا العربية، لكسب مواقف المنظومة اللاتينية في إطار المنظمات الدولية، خاصة وأن هذه القضايا بحاجة إلى أكبر توافق دولي لصالح الموقف العربي". وأشار المناصير الى أن الدول اللاتينية لها مصالح واسعة في العالم العربي، ما يحيل هذه القمة إلى فرصة يمكن جني ثمارها بشكل موسع، طالما أن ضيوف الرياض سيقفون عند حقيقة ما يجري، وسيكتشفون حجم الزيف الذي يمارسه نظام بشار الأسد، وادعاءات نظامه بتعرضه لهجمة إرهابية مزعومة". إشعاع حضاري وفي جانب آخر، يعرض الباحث في الشؤون الخليجية د. زويد الفضيلات وجهاً آخر للقمة العربية – اللاتينية، ويقول إن "استضافة الرياض للقمة تحيل العاصمة السعودية إلى مركز اشعاع حضاري، تجتمع فيه حضارات مختلفة، لتلتقي وتتعاون، بما يحقق غايات وآمال المشاركين". ويضيف الفضيلات، الذي استطلعته "اليوم"، أن "المملكة العربية السعودية باتت اليوم العنوان الأبرز للمنطقة العربية، والبوابة التي لا يمكن المرور إلى المنطقة دون دخولها، وهذا جليّ على أكثر من صعيد، أولها: الموقف السعودي المشرف حيال مختلف قضايا المنطقة، سواء في فلسطين أو سورية أو اليمن، وثانيها: تقدم المملكة عن سواها في الانحياز للإنسان العربي ولمستقبل المنطقة وشعوبها، وثالثها: امتلاك القيادة السعودية رؤية واضحة لما يجب أن يكون عليه حال الأمة، وشروعها دون تردد في إحالة هذه الرؤية إلى واقع، ورابعها: إدراك المملكة مسؤولياتها التاريخية، وتصديها لها في الوقت الذي تأخر الكثيرون عن ذلك". ويرى الباحث الفضيلات أن "استضافة المملكة زعامات أمريكا اللاتينية تأتي كحلقة في سلسلة طويلة من الاستضافة لزعماء العالم، ومن مختلف القارات، وهي الاستضافات التي تقدم القضية العربية ضمن رؤية معتدلة، عنوانها السلام والتعاون، وفي الوقت ذاته القدرة على التصدي لمن سعى إلى التجاوز على الأمة ومصالح دولها وشعوبها". ويشير الفضيلات الى أن اللقاء بين الحضارات خطوة أولى لنبذ الخلاف، والبحث عن المشترك وتعظيمه، بما يؤسس لتعاون حقيقي يستند إلى المصالح والآمال المشتركة، وهو ما يتوقع أن يتحقق من القمة العربية – اللاتينية الرابعة".