اكتسح حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية بعد فرز 99% من الأصوات، بحصوله على نسبة 49.5%، أي 320 مقعدا في البرلمان المكون من 550 مقعدا، ونجح بذلك وخلافا لكل التوقعات في استعادة الغالبية المطلقة التي كان فقدها قبل خمسة أشهر، بينما حصل غريمه حزب الشعب الجمهوري على 25.29% وحزب الحركة القومية 11.97% وحزب الشعوب الديمقراطي (خصم الحزب الحاكم) 10.34%، وحصلت الأحزاب الأخرى والمستقلون على 2.96% من الأصوات. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 86.73% من إجمالي من يحق لهم التصويت وبلغ عددهم 57 مليون ناخب. وبفارق ضئيل، نجح حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد في الاحتفاظ بمقاعده في البرلمان، وبتجاوزه عتبة العشرة في المائة التي تؤهل الأحزاب لعضوية البرلمان، سيبقى حزب الشعوب في البرلمان عبر 60 نائبا، لكن في تراجع واضح عن نسبة ال « 13» في المائة التي حققها في انتخابات السابع من حزيران وأمنت له ثمانين مقعدا حرمت حزب الرئيس رجب طيب أردوغان من الغالبية الحكومية التي تمتع بها طوال 12 عاما. وهذه أعلى نسبة أصوات يحصل عليها حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ وصوله الى السلطة في تركيا، وهذه النتائج تعتبر ثأرا كبيرا للرئيس رجب طيب أردوغان (61 عاما) الذي ظل خصومه يتوقعون هزيمته لرفضهم سياساته الداخلية والخارجية. واعتبر المحلل سونير كاغابتاي من "واشنطن اينستيتيوت" على حسابه على تويتر ان الذي ساعد في فوز أردوغان هو "الخوف من زعزعة الاستقرار في تركيا، اضافة الى استراتيجية أردوغان التي قدم نفسه فيها على انه (الرجل القوي القادر على ضمان الحماية)". وأمام احتفال حاشد في الساحات والشوارع، قال رئيس الوزراء أحمد داود اوغلو في قونيا: "اليوم هو يوم انتصار ويوم التواضع"، مضيفا ان "الانتصار هو ملك الشعب". وأمام ارتفاع حدة التوتر إثر استئناف المعارك مع الاكراد وظهور خطر القتال في سوريا، قدم أردوغان وأوغلو نفسيهما على انهما الوحيدان القادران على ضمان وحدة وسلامة البلاد، وكررا الشعار الذي يختصر في "حزب العدالة والتنمية أو الفوضى". وقال أردوغان الاحد خلال إدلائه بصوته : إن "هذه الانتخابات كانت ضرورية بسبب النتيجة غير الواضحة لانتخابات السابع من يونيو" مضيفا "من البدهي القول: كم ان الاستقرار مهم لبلادنا". ومنذ انتخابات السابع من يونيو الماضي ازداد الوضع السياسي توترا في تركيا، ومنذ الساعات الأولى من افتتاح مكاتب الاقتراع، توافد إليها الناخبون بكثافة، وسط إجراءات أمنية مشددة، في ثاني انتخابات عامة خلال خمسة أشهر بعد أن أخفق حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى منذ صعوده الى الحكم في 2002، في الاحتفاظ بالأغلبية في انتخابات يونيو. ودعي نحو 57 مليون ناخب للمشاركة في التصويت، وسط انتشار 400 ألف شرطي ودركي لضمان الأمن خصوصا في جنوب شرق تركيا. واستمر الرئيس أردوغان في التأكيد على أنه الضامن الوحيد لأمن ووحدة البلاد، وقال عند إدلائه بصوته : إن "تركيا حققت تقدما كبيرا على طريق الديمقراطية التي ستتعزز أكثر بانتخابات اليوم". وأدلى رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، بصوته في معقله المحافظ في قونية، وقال : "ندعو شعبنا إلى أن يبرهن على الإرادة وإلى تحويل هذا اليوم إلى عيد للديمقراطية .. أيا تكن النتيجة". ويهاجم خصوم العدالة والتنمية، ما يصفونه "نزعة أردوغان التسلطية" وقال زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش لدى ادلائه بصوته : "آمل أن تعزز نتائج اليوم الآمال في السلام وهذا ما تحتاج إليه تركيا الآن"، مشددا على "قدرة شعبنا على تغيير مستقبلنا والحصول على ديمقراطية أقوى". وصرح زعيم حزب الشعوب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو بأن "البعض يريد إقامة السلطنة من جديد في هذا البلد، لا تسمحوا لهم بذلك". وكان أردوغان دعا الى اجراء انتخابات جديدة، بعد ان فشلت الاتصالات التي جرت لتشكيل حكومة ائتلاف وطني عقب انتخابات السابع من يونيو، وجاءت دعوته من باب ثقته في قدرة حزبه على استعادة الاكثرية المطلقة. وكانت غالبية استطلاعات الرأي قبل يوم الانتخابات أعطت حزب العدالة والتنمية ما بين 40 و43% وهي نسبة لا تخوله الحصول على الغالبية المطلقة.