ما زال الموتُ يُحيي فينا قِيمةَ الاعتراف بالجميل وتقدير الجهد فنسعى لتكريم الراحلين بعد فقدهم ونستكثرُ عليهم كلمةَ "شكراً" في حياتهم. ولعلّ السبب الرئيس في تكريم الأموات هو عدم وجود من يسدُّ الفراغ الذي تركوه من الأحياء. ولأني أحبُّ أن تكون الحياةُ هي التي تُحيي فينا تلك القيمة فسأصوغُ من حياة علمين من أعلام السلة السعودية ومن عطائهما المتفاني ولمساتهم الرائعة في خدمة كرة السلة بالمملكة إكليلَ شكرٍ وعرفان وتقدير، إنهما المهندس والأب الروحي عبدالبديع محمد لاري هذا الاسم لم يكن معروفاً في عالم السلة إلا حينما تم تكليفه من رئيس نادي الاتحاد الامير طلال بن منصور بأن يكون مسؤولاً عن كرة السلة بالنادي وهي تحتضر قابعةً في مؤخرة الدوري. جاء لاري وجاءت معه الانجازات الاتحادية فلقد أحدث نقلةً نوعية بالفريق ما زالت تُدرَّس لمن يريد التطوير والبطولات سلة الاتحاد من مؤخرة الدوري إلى أكثر الأندية السعودية تحقيقاً للبطولات سواء المحلية والخليجية والعربية والآسيوية والتي ينفرد بها. اختير عضواً باتحاد السلة وما زالت الانجازات تلازمه. عمل جاهداً لنشر الإحصاء في أنحاء المملكة وتخرج على يدية الكثير من المهتمين بالإحصاء، ولا يزال يهتم ويتابع بكل صغيرة وكبيرة للسلة ويُطلق عليه "مكتبة السلة السعودية". والأستاذ عبدالرحمن عبدالعزيز المسعد عراب السلة السعودية هذا الرجل كلما ازدادت مناصبه ومهماته ازداد عطاءً وتواضعاً. مذ عرفتُه حكماً وإلى أن أصبحَ أميناً لاتحاد السلة وعضواً بالاتحادات القارية ومديراً لمكتب رعاية الشباب بالرياض لم يبخسْ أحداً حقه كان وما زال عادلاً بشوشاً متواضعاً لم تغيّره المناصب والأماكن، بوعبدالعزيز لم يكن مهتماً فقط باتحاد السلة بل حتى الأندية يسألهم عن كلّ صغيرة وكبيرة فيما يخص اللعبة ويعمل جاهداً على حلّ جميع مشاكلهم، حتى اللاعبون لم يكن بعيداً عنهم يتواصل معهم ويساعدهم بكل ما يحتاجونه حتى يستمر عطاؤهم بالملاعب، أبوعبدالعزيز شمعةٌ لا تنطفئ يعملُ ليلاً ونهاراً وأتذكر عندما كنتُ مشرفاً على أحدِ المنتخبات في بطولةٍ آسيويةٍ كان يتابعنا برغم فارق التوقيت ويسهر طوال الليل لا ينام حتى يطمئنَ يومياً على بعثة المنتخب وتذليل أية صعوبات قد تواجههم. أبوعبدالعزيز هو الملجأ لكل المدربين واللاعبين والإداريين عندما تواجههم أيةُ معضلة.. هذا الرجل الذي يقابلك بابتسامته المعهودة لم يرد أحداً يقصده.. سيبقى صمام الأمان للسلة السعودية. * همسة: كل ما تم ذكره عن هذين الرجلين ما هو إلا نقطة من بحرهما وغيض من فيض لذلك ومن خلال هذا المنبر أطالب رئيس اتحاد السلة وأعضائه وكل رجال الأعمال أن يحتفوا بهاتين الهامتين وتكريمهما بذاك التكريم الذي يليق بما قدماه للسلة السعودية. اسأل الله أن يمد في صحة هذين العظيمين وأن يجعل كل ما يقدمانه لهذا الوطن في ميزان أعمالهما إنه سميع مجيب.