افتتحت هيئة البحرين للثقافة والآثار، أمس الأول، (حكاية بحرين: من دلمون إلى البحرين)، في العاصمة الأمريكيةواشنطن، بالتعاون مع مركز ميريديان الدولي، والذي يأتي امتداداً لمذكرة التفاهم الموقعة بينهما، وذلك في إطار نشاط تعزيز العلاقات والأنشطة الثقافية الثنائية التي تربط البلدين. ويقدّم المعرض التراث البحريني العريق الذي يعود إلى أكثر من ستة آلاف عام إلى الجمهور الأمريكي والخصائص الفريدة التي أهلت البحرين لتكون ميناء وسوقاً تجارياً رئيسياً منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويشمل ذلك موقعها الاستراتيجي الذي كان يربط بين الشرق الأدنى ووادي السند، ووفرة الثروات الطبيعية مثل الموارد المائية والحدائق الغناء وحقول اللؤلؤ، وهو ما سمح للبشر بالاستقرار والازدهار على أرضها ومنحها اسمها الحديث الذي أصبحت تُعرف به وهو البحرين. ومن بين المعروضات التي يحتويها المعرض مجموعة مختارة من الأختام المصنوعة من الحجر الصابوني يعود تاريخها إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، الأمر الذي يدل على المكانة الثقافية الرفيعة التي اتصفت بها البحرين منذ غابر الزمن باعتبارها عاصمة حضارة دلمون القديمة. كما يسلّط المعرض أيضاً الضوء على أحد أهم الجوانب في تاريخ البحرين وأبرز مصادر الفخر والاعتزاز بالنسبة للبحرينيين، ألا وهي تجارة اللؤلؤ، حيث كانت هذه الصناعة تشكّل جوهر وصُلب حياة أهل البحرين وتمسّ كافة مناحي حياتهم اليومية قبل اكتشاف النفط، بالإضافة إلى التحف الأثرية والصور التاريخية، ومجموعة من الأثواب والأزياء البحرينية التقليدية التي توضّح تقاليد البلاد وتراثها المتصل اتصالاً وثيقاً بصناعة النسيج وحرفة التطريز، وتعكس الحسّ والذوق الجمالي للبحرينيين وخبرتهم الفائقة في توظيف الشكل واللون وفي صناعة القماش والتطريز. وفي هذا الصدد، عقدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار عددا من الاجتماعات والزيارات الثقافية في كل من مدينتي نيويوركوواشنطن، وذلك على هامش افتتاحها المعرض إلى جانب تكريمها بجائزة (Watch Award 2015) من قبل الصندوق العالمي للآثار، بصفتها أول شخصية عربية تفوز بالجائزة، وذلك خلال احتفال الهادريان جالا السنوي (Hadrian Gala)، حيث كرم فيه أيضاً الملكة صوفيا ملكة إسبانيا. وتزامن الاحتفال هذا العام مع احتفاء الصندوق بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيسه، بحضور 400 مدعو، حيث أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة على أهمية التكريم الذي يعتبر رسالة إلى العالم بأسره بوعي البحرين، عبر المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في المنامة والعمل الدؤوب لمسؤولي الثقافة والآثار، لأهمية التراث الإنساني الذي نفتخر به ونعمل على إظهاره بأجمل صورة، كما أعربت عن شكرها للصندوق العالمي للآثار على عمله الدائم في سبيل تعزيز مكانة المواقع الأثرية حول العالم والعمل على دعمها بما يحافظ عليها ويبقيها للأجيال القادمة. ويأتي تكريم الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بجائزة الصندوق اعترافاً بدورها الفريد الذي قامت به في سبيل صون وحماية التراث العالمي والثقافة البحرينية، والذي أدى إلى تطوير البنية التحتية التي حافظت على التراث وأسست لسياحة ثقافية مستدامة، ومن ذلك تأسيس ورئاسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم بن محمد للثقافة والبحوث، الانطلاق بمشروع الاستثمار في الثقافة وبناء شراكة استثنائية بين القطاعين الخاص والعام في مجال الحفاظ على التراث، أفضت إلى إنجازات كتأسيس متحف موقع قلعة البحرين ومسرح البحرين الوطني، إضافة إلى عملها على إنشاء وإرساء مواعيد سنوية لمهرجانات ثقافية مثل ربيع الثقافة، مهرجان صيف البحرين، ومهرجان شتاء الشباب الذي يعمل على بناء القدرات الشابة في مجالات التراث والتنمية الثقافية. أما الملكة صوفيا، فجاء تكريمها بالجائزة، تقديراً لجهودها في تعزيز الوعي والفهم للتراث الثقافي في إسبانيا ودعمه بكافة السبل. يذكر أن الصندوق العالمي للآثار يقدّم جائزة الهادريان، منذ 1988م تكريماً للشخصيات القيادية التي تعمل على حفظ، وتقدير وزيادة الوعي بأهمية التراث الإنساني والعمراني حول العالم. أما جائزة (Watch) فتأسست عام 2011 من أجل تكريم الشخصيات التي تقدم أعمالاً تحافظ على المواقع التاريخية وتصونها في ظل الأحداث والمتغيرات حول العالم. الجدير بالذكر أن الصندوق العالمي للآثار، تأسس في مدينة نيويورك عام 1965، ومنذ تأسيسه يعمل على حماية الآثار حول العالم من الاندثار بما في ذلك التراث المادي وغير المادي عبر نشر الوعي، التدريب، التعليم والعمل الميداني.