بدأت وزارة العمل يوم الأحد الماضي الموافق للخامس من شهر محرّم للعام الهجري الجديد 1437ه ببدء تطبيق التعديلات الجديدة في نظام العمل والتي شملت تعديل 38 مادة من أصل 233 مادة سنتطرق لها بالتفصيل لاحقا، لكن يتضح جليا من خلال قراءة فنية لهذه التعديلات سعي الوزارة مشكورة لتنظيم وتطوير آليات سوق العمل ودعم التوطين إضافة إلى حفظ الحقوق والواجبات لجميع الأطراف. حيث عقد معالي نائب وزير العمل الأستاذ أحمد الحميدان مشكورا يوم الخميس الماضي مؤتمرا صحفيا ووضح من خلاله التعديلات الطارئة على نظام العمل وما الهدف منها والتي كان الرابح الأول منها هو العامل بشكل عام والعامل المواطن بشكل خاص من خلال تعديلات عدة سنتحدث عنها بإسهاب في السطور القادمة من وجهة نظر شخصية. أهم التعديلات في نظام العمل الجديد والتي تدعم العاملين وتشجع التوظيف والتدريب وتطوير بيئة العمل: تعديل 22 مادة من أصل 38 مادة لصالح العاملين بشكل عام ومن أهمها ما نص عليه تعديل المادة الثانية عشرة حيث نص التعديل على إلزام المنشآت بوضع نموذج موحد أو أكثر للائحة الداخلية بالمنشأة بعد اعتماد الوزارة لها، وهذا يضيف الكثير من الشفافية التي تخدم العاملين بشكل عام وتطور بيئة العمل بشكل خاص مبتعدين بذلك عن أي اجتهادات أو افتراضات قد يستغلها أحد الأطراف بشكل سلبي. كما نص تعديل المادة الخامسة والثلاثين على امتناع الوزارة عن تجديد رخصة العمل متى ما خالف صاحب العمل المعايير الخاصة بتوطين الوظائف، وهذا بند يدعم عملية التوطين ويزيد من فرص العمل للسعوديين. ونص تعديل المادة الثالثة والأربعين على رفع نسبة تدريب السعوديين من 6% إلى 12% من مجموع عدد عمال المنشأة، وهذا بند بالتأكيد سيضاعف فرص التدريب للشباب السعودي مما يسهم في تطويرهم وظيفيا. ولم يبتعد كثيرا تعديل المادة الثامنة والأربعين عن موضوع التدريب، ولكن أضاف خيارا آخرا للمتدرب السعودي، حيث كانت المادة مسبقا تنص على إلزام المتدرب بأن يعمل لدى صاحب العمل بعد انقضاء مدة التدريب لمدة لا تزيد على ضعف مدة التدريب أو (سنة) أيهما أطول، أما الآن فأصبح هنالك خيار آخر للمتدرب السعودي وهو دفع رسوم التدريب، وهذا يعطي مرونة أكبر للعامل السعودي في حال رغب في ترك العمل لسبب أو لآخر. ونص تعديل المادة الثانية والخمسين على وضع نموذج موحد لعقد العمل تعتمده الوزارة، وهذا التعديل بالتأكيد يدعم العلاقة التعاقدية بين الطرفين ويحفظ حقوق العامل. كما نص تعديل المادة الرابعة والخمسين على أن لا يجوز وضع العامل تحت التجربة أكثر من مرة واحدة لدى صاحب عمل واحد واستثناء ذلك يجوز باتفاق طرفي العقد كتابة، ويدعم هذا التعديل العامل لعدم قدرة المنشأة الآن على إساءة استخدام خيار تمديد فترة التجربة الذي أقرته الوزارة. وأوقف تعديل المادة الثامنة والخمسين التعسف الذي تنتهجه بعض المنشآت بنقل العاملين إلى أماكن تقتضي تغيير محال إقامتهم، حيث إنه لا يجوز الآن لصاحب العمل أن ينقل العامل بغير موافقته كتابيا من مكان عمله الأصلي إلى مكان آخر يقتضي تغيير محل إقامته. كما حفظ تعديل المادة الرابعة والستين سمعة العامل بعدم تضمين شهادة الخدمة ما قد يسيء إلى سمعة العامل وهذا بالتأكيد يزيد من فرص العامل للحصول على عمل آخر. ونص تعديل المادة الخامسة والسبعين على زيادة مهلة الإشعار في حال رغب أي طرف بإنهاء العقد إذا كان غير محدد المدة ولسبب مشروع من 30 يوما إلى 60 يوما وهذا التعديل يعطي العامل مساحة أكبر من الوقت للبحث عن عمل آخر. كما لم يبتعد تعديل المادة السادسة والسبعين عن هذا الموضوع حيث أعطى العامل خيار دفع مبلغ الأجر المساوي لمهلة الإشعار في حال لم يرغب بالالتزام بذلك. كما تم إلغاء نص المادة الثامنة والسبعين وأحل نصا آخر بدلا عنها يعطي العامل الحق بالتغيب عن العمل لمدة يوم كامل أو ثماني ساعات في الاسبوع للبحث عن عمل آخر خلال مهلة الإشعار. كما زاد تعديل المادة الثمانين حق العامل في التغيب عن العمل دون سبب مشروع من عشرين يوما إلى ثلاثين يوما في السنة التعاقدية الواحدة ومن عشرة أيام إلى خمسة عشر يوما متتالية من بعدها يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل أو إشعاره أو تعويضه بشرط أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرين يوما في الحالة الأولى وانقطاعه عشرة أيام في الحالة الثانية، وهذا التعديل يعطي فرصة أكبر للمحافظة على الفرصة الوظيفية لمن يضطر للغياب عن العمل دون سبب مشروع. ونص تعديل المادة التسعين ليلزم المنشآت بدفع الأجور في حسابات العمال عن طريق البنوك المعتمدة في المملكة، وهذا التعديل يبعد العامل عن أي مخاطر جراء التعامل مع النقد وكذلك يساعد في أتمتة العملية بشكل عام ويحفظ وقت الجميع، كما يعطي هذا البند بعدا رقابيا للوزارة على جميع الأجور المدفوعة والتي كفلها نظام حماية الأجور. كما زاد تعديل المادة الثالثة عشرة بعد المائة من حق العامل في الحصول على إجازة بأجر كامل من ثلاثة أيام سابقا إلى خمسة أيام حاليا في حالات وفاة أحد الأقارب من الدرجة الأولى وكذلك الزواج، كما زاد التعديل أيضا حق العامل بالحصول على إجازة بأجر كامل من يوم واحد سابقا إلى ثلاثة أيام حاليا في حالة ولادة مولود له. وأعطى تعديل المادة الخامسة عشرة بعد المائة العامل في الحق للانتساب لأي مؤسسة تعليمية والحصول على إجازة بأجر كامل لأداء الامتحانات بعد موافقة صاحب العمل أو من رصيد إجازة العامل السنوية في حال عدم موافقة صاحب العمل، وهذا التعديل بالتأكيد يؤكد دعم الوزارة الدؤوب لتطوير الكوادر البشرية وتأهيلها شكل عام. كما أعطى تعديل المادة السابعة والثلاثين بعد المائة بعدا إنسانيا لنظام العمل الجديد حيث أعطى العامل المصاب في حال عجزه المؤقت عن العمل الناتج عن إصابة عمل، الحق في معونة مالية تعادل أجره كاملا لمدة ستين يوما بعد أن كانت ثلاثين يوما في النظام القديم، على أن يستحق العامل مقابلا ماديا يعادل 75% من أجره طوال المدة التي يستغرقها العلاج. كما لم تنس التعديلات الجديدة فيما يخص المرأة العاملة حيث أعطى تعديل المادة الحادية والخمسين بعد المائة الحق للمرأة العاملة في إجازة وضع بأجر كامل لمدة عشرة أسابيع توزعها كيف تشاء في حين كان النظام السابق يحدد توزيعها بأربعة أسابيع ما قبل الوضع وستة أسابيع بعد الوضع مباشرة، كما حظر تعديل المادة ذاتها على تشغيل المرأة بعد الوضع بأي حال من الأحوال خلال الستة أسابيع التي تلي الوضع، كما أعطى التعديل المرأة العاملة الحق في إجازة مدتها شهر بأجر كامل تبدأ بعد انتهاء إجازة الوضع في حال إنجابها لطفل مريض أو من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتكاملا مع القواعد الشرعية أعطى تعديل المادة الستين بعد المائة الحق للمرأة العاملة المسلمة التي يتوفى عنها زوجها في إجازة عدة بأجر كامل لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الوفاة بعد أن كانت خمسة عشر يوما فقط في النظام القديم، وحفظ النظام أيضا حق المرأة العاملة غير المسلمة التي يتوفى عنها زوجها في إجازة عدة بأجر كامل لمدة خمسة عشرة يوما من تاريخ الوفاة. أهم التعديلات في نظام العمل الجديد والتي تدعم حفظ حقوق المنشآت: حرصا على حفظ حقوق المنشأة عند توظيف العامل، قامت الوزارة بتعديل 4 مواد من أصل 38 مادة من أهمها تعديل المادة الثالثة والخمسين والتي تنص على إعطاء الحق لصاحب العمل بتمديد فترة التجربة على ألا تزيد عن مائة وثمانين يوما باتفاق مكتوب بين العامل وصاحب العمل. كما أضاف النظام الجديد بتعديله للمادة الثالثة والثمانين بندا آخر يعطي الحق للمنشآة في رفع دعوى تجاه العامل الذي يفشي أسرار العمل شرط أن يكون ذلك الشرط مكتوبا بين الطرفين. كما أعطى تعديل المادة الأولى بعد المائة الحق للمنشأة لإبقاء العامل في مكان العمل لمدة لا تزيد عن اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد بدلا من احدى عشرة ساعة في النظام القديم بشرط أن لا يعمل العامل أكثر من خمس ساعات متتالية دون فترة للراحة والصلاة والطعام لا تقل عن نصف ساعة. أهم التعديلات في نظام العمل الجديد والتي تدعم تطبيق الأنظمة واللوائح بما في ذلك التفتيش: حرصت الوزارة على تعديل 12 مادة من أصل 38 مادة دعما لتطبيق الأنظمة واللوائح بما في ذلك التفتيش، حيث نص تعديل المادة الثالثة والسبعين على توثيق الغرامات التي يوقعها صاحب العمل على العامل في سجل خاص، على أن يكون التصرف بهذه الغرامات من قبل اللجنة العمالية في المنشأة وفي حال عدم وجود لجنة يكون التصرف في الغرامات بموافقة الوزارة. كما وضع تعديل المادة السابعة والسبعين حدا أدنى للتعويض في حال إنهاء أحد الطرفين للعقد غير المحدد المدة لسبب غير مشروع بحيث لا يقل التعويض عن أجر العمل لمدة شهرين، بينما كان التعويض في النظام القديم تحت تقدير هيئة تسوية الخلافات العمالية. ونظرا لأهمية موضوع التفتيش ودوره في الرفع من مستوى انضباطية المنشآت في تطبيق اللوائح والأنظمة فقد طرأت تعديلات عدة على مواد النظام المتعلقة بالتفتيش حيث وضحت المواد الرابعة والستون بعد المائة والسادسة والتسعون بعد المائة والسابعة والتسعون بعد المائة وكذلك المادة الثالثة بعد المائتين وأيضا المادة التاسعة والعشرون بعد المائتين بحلتها الجديدة ماهية آليات التفتيش وما هو اختصاص المفتشين والتأكيد على تطبيق الأنظمة وكذلك العقوبات، وبالتأكيد تدعم كل تلك التعديلات توضيح طبيعة عمل المفتشين والذين قد يجتهد بعضهم ويوفق وقد لا يوفق في تطبيق الأنظمة واللوائح. كما لم تغفل تعديلات النظام الجديد عن مكافأة المفتشين أيضا حيث نص تعديل المادة الثالثة والثلاثين بعد المائتين بإعطاء صلاحية للوزير لمنح مكافأة مالية لا تزيد على 25% من مبلغ الغرامة المحصلة، وهذا التعديل يشجع ويحفز موظفي التفتيش على بذل جهد أكبر في تطبيق أنظمة ولوائح التفتيش بحذافيرها. مستشار موارد بشرية