تبدأ دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام القادم 2016م في تنفيذ خطة لتطوير وتفعيل السياحة البينية والتأسيس لنقلة نوعية في هذا المجال، ويأتي هذا التحرك في اطار القرارات التي اتخذتها اللجنة الوزارية للسياحة بدول مجلس التعاون الخليجي التي تأسست العام الماضي، وجعلت هذا الموضوع على رأس أولوياتها؛ نظرا لما تمثله السياحة البينية من أهمية في دعم اقتصادات دول المجلس التي تتمتع بمقومات سياحية متعددة. ورغم أن السياح الخليجيين ينفقون نحو 27 مليار دولار سنويًا على السياحة، فإن نسبة محدودة من هذا الإنفاق تذهب لدول المجلس، بينما الأغلب يتم صرفه في الخارج، فيما تشير الإحصائيات الى أن السياحة البينية بين الدول المجاورة تشكل عادة 80% من اجمالي السياحة في هذه البلدان، بينما تبلغ السياحة البينية العربية نحو 48% من اجمالي السياحة العربية. وفي دول مجلس التعاون الخليجي تختلف نسبة السياحة البينية من دولة لأخرى، حيث ترتفع في البحرين مثلاً لتصل إلى 77% بسبب ارتباطها بالجسر مع المملكة العربية السعودية، وكذلك سلطنة عمان حيث تبلغ 75%، في حين تتدنى هذه النسبة في بقية دول المجلس. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد أكد على أن دول مجلس التعاون الخليجي ستبدأ مرحلة جديدة في تعزيز وتطوير السياحة البينية فيما بينها تحقيقا لأهداف المجلس وتوجيهات قادته في تعزيز الروابط الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية بين الشعوب الخليجية. مؤكدا عقب اختتام الاجتماع التأسيسي الأول لوزراء السياحة بدول مجلس التعاون الذي عقد مؤخرا في دولة الكويت على أن اللجنة الوزارية تؤسس لعمل سياحي مشترك لدول مجلس التعاون. وقد كان موضوع السياحة البينية محور الاجتماع الثاني لوزراء السياحة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عُقد مؤخرا في العاصمة القطرية الدوحة، وكان من أبرز قرارات الاجتماع تشكيل فريق برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لإعداد رؤية شاملة خاصة بالعمل السياحي المشترك والأهداف الاستراتيجية له وذلك خلال ثلاثة أشهر، وكذلك إعداد خطة تنفيذية لتحقيق الرؤية والأهداف الاستراتيجية لها بعد انتهاء المرحلة الأولى. ويضم الفريق في عضويته المدير العام للمجلس الوطني للسياحة والآثار في دولة الامارات العربية المتحدة وعددا من الأعضاء من المختصين في شؤون السياحة بدول المجلس والأمانة العامة. ويأتي هذا القرار تتويجاً لجهود المملكة في تحقيق تكامل سياحي بين دول المجلس في مختلف المجالات ذات العلاقة، وايجاد ترابط منهجي ووعي سياحي وثقافي يسهم في بلورة رؤية مشتركة تعزز من السياحة البينية، وتُعزز الانتماء لدى مواطني مجلس التعاون وتتيح لهم اكتشاف المقومات التاريخية والحضارية والسياحية والثقافية لكل دولة. وقد عبر الأمير سلطان بن سلمان عن اعتزاز المملكة بهذه الثقة التي أولتها لها دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، مشدداً على أن المملكة ستعمل على إنجاز رؤية سياحية تنموية لدول مجلس التعاون الخليجي من خلال التعاون الدائم مع كافة الجهات ذات العلاقة، ومن خلال العمل مع كافة الدول الأعضاء لتقديم ما يليق بمستوى دول ومواطني مجلس التعاون الخليجي. وأوضح سموه في كلمته التي ألقاها في الاجتماع أن التعاون بين دول المجلس والمتوج بارادة ملوك وأمراء ورؤساء دول المجلس لم يكن في يوم من الأيام حبراً على ورق بل شهدت دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من النتائج التي هي ثمرة هذا المجلس، ونبه سموه إلى أن قطاع السياحة لم يعد ترفيها فقط بل هو اقتصاد وتنمية وأمن وسياحة ونقل وغير ذلك، وهو ما يتطلب من دول المجلس التي تملك مقومات اقتصادية كبيرة استثمار هذه القدرات الهائلة والتنسيق فيما بينها لتحقيق عوائد اقتصادية وتوفير فرص وظيفية مناسبة لشبابها. وفي إطار قرارات الاجتماع الثاني لوزراء السياحة بدول مجلس التعاون لتعزيز السياحة البينية أوصى الوزراء بإنشاء عروض سفر سياحية من قبل مكاتب السفر والسياحة بدول مجلس التعاون، ووضع خطة عمل شاملة للعروض، تشتمل على تخفيضات مناسبة لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتشجيع السياحة البينية، إضافة إلى انتاج فيلم إعلاني قصير لترويج دول مجلس التعاون، وتصميم موقع الكتروني باسم دول مجلس التعاون، وكذلك تنفيذ جولات سياحية تعريفية للشركات السياحية ومكاتب السفر بين دول مجلس التعاون.