أحقا خبا ذلك الضياء وانطفأ ذلك السراج ورحل عنا ذلك الكاتب المبدع.. أحقا توقف ذلك القلب الكبير المليء بحب وطنه وحب الناس. أضناه العمل الجاد والبحث المتواصل خلال دراسته أو حتى بحوثه وإعداد مؤلفاته. وفداحة مسئولياته، كتربوي وأكاديمي. تشرفت ومنذ عقود بالتعرف عليه في الأحساء من خلال عمله بجامعة الملك فيصل. وبعدها كان صديقا لأخي عبدالعزيز -رحمهما الله-، وكلاهما يسكنان بجوار بعض مما أتاحت لي الفرص اللقاء به، والاستئناس بسماع أحاديثه الدقيقة والابتسامة دائما تشكل إحدى العلامات التي تميزه عن غيره.. أحقا ترك حبيبنا د. على العبدالقادر دنيانا وقد كان فيها ملء السمع والبصر إلى حيث الصفاء والسلام، والحياة الأبدية.. والله يشهد كان دائما عندما نلتقي صدفة في إحدى المناسبات الرسمية أو الثقافية أو الاجتماعية كان يبدي إعجابه الشديد بأعمالي التشكيلية المختلفة، بل أنه كان متابعا جيدا لما كنت أكتبه هنا أو في الرياض.. وفي ذات الوقت كنت قارئا لما يبدعه من كتابات مطولة في هذه الصحيفة «اليوم» والعزيزة على قلبه وغيره.. كتابات كانت تعبر عن ثقافة وإطلاع ومنهجية أكاديمية تجعلك تشعر بأن ما يكتبه لم يكن وليد لحظة تعبير وإنما لساعات من البحث والتمحيص.. من هنا كان له مريدوه وأحبته الكثر المتابعون لما يكتبه، وبالتالي كان لا بد أن يلمع نجمه وهو في الجامعة مسئولا أو في المواقع الأخرى التي انتقل إليها بعد تقاعده. مشوار طويل من العطاء، والحب لوطنه، ولقيادته، وقبل هذا وبعد هذا لمجتمعه. فلا عجب بعد هذا أن تحزن على رحيله الأحساء التي أحبها وكتب عنها وعبر عن مشاكلها وقضاياها بصدق وشفافية لا حدود لها، والجميل الذي سوف يبقى في ذاكرة محبيه ومتابعيه ما كان يكتبه في «اليوم» أو في مطبوعات أخرى أن ذهنه -رحمه الله- كان صافيا كقلبه، متقدا وفكر مرتب وذاكرة قوية ومتابعة، وصفها مرة بأنها تتعبه أحيانا من فرط ما تزدحم بالذكريات والمواقف والأفكار، كان جلدا ومثابرا ومعطاء في العمل.. لقد شاهدته في إحدى المناسبات في الجامعة كيف كان يواصل الوقت لإنجاز ما كلف به من مهام دون أن يشعر الآخرون بتعبه أو مسئوليات المناسبة، في زمن يندر أن تجد أمثاله وإخلاصه لعمله وتفانيه في إنجاز ذلك، من هنا استطاع أن يزرع محبته في قلوب كل من درس على يديه أو أشرف على بحثه، كان مزيجا غريبا من الكبرياء والتواضع والطيبة والحزم واللين، ولا عجب أن يتسم بهذه الصفات، فهو أحد ابناء أسرة كريمة اشتهرت ومنذ القدم بالعلم والمعرفة، لذلك تكونت في فقيدنا الكبير تلك الشخصية المتكاملة والفريدة، وماذا بعد، وداعا حبيبنا، د. على، ونم قرير العين تحفك رحمة الله، فقد اكملت رسالتك في الحياة، وأديت الأمانة، وبت الآن مع الصديقين، وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.