في كاريكاتير رسمته ونشر إلى يسار هذا العمود في صحيفة «اليوم» حول أسباب تعدد الزوجات، وقف رجل إلى جانب زوجاته الأربع: الأولى بنت عمه، الثانية موظفة، الثالثة مثقفة، أما الرابعة فكانت امرأة على جانب من الجمال والأنوثة وسبب ارتباطه بها هو أنها "تونّس"! طبعا حظي الكاريكاتير بردود فعل متباينة، فهناك من استقبله بحس كبير من السخرية وابتسم، معتبرا أنه ينطوي على ملامح من واقعنا، وهناك من غضب طبعا.. وكان السواد الأعظم من الغضب صادرا عن النساء. وبما أن نسبة المعددين، المعلنين صراحة عن تعدد زوجاتهم، في المجتمعات العربية تصل إلى 12٪ (إحصاء غير رسمي)، فالمشكلة فعلا قائمة.. ولا توجد أي وسيلة لإخفائها وطمس حضورها في الوقع الأسري العربي عموما والخليجي على وجه الخصوص. وهناك حتما سبب وراء استمرار التعدد، رغم تبدل الأجيال وانتقال الوعي الاجتماعي والاقتصادي إلى مراحل مضيئة من الإدراك لدى الكثيرين والكثيرات. عند هذا الحد، هل من المسموح لي أن أقول إن أحد أهم أسباب استمرار التعدد هي المرأة نفسها؟ نعم! المرأة اضطرت في مرحلة من المراحل أن تقبل بزوج متزوج من غيرها؛ وذلك لتخفيف الضغط الأسري والاجتماعي الواقع عليها، بعد أن استمرت في رفض عدد من المتقدمين إليها؛ لأسباب كانت تراها جوهرية. وهي أيضا سبب مهم في استمرار الظاهرة؛ لأنها اضطرت للبحث عن حل دائم لمعضلة حاجتها إلى رجل في ظل ارتباط أغلب أمور حياتها بضرورة وجود (زوج) يوافق ويوقع ويشتكي ويرفض ويراجع ويدافع... إلخ! طبعا الرجل المعدد لعب دور الثعلب الذكي في هذا المشهد، فهو مدرك تماما لحاجة المرأة إلى شخص يلعب دور الزوج في حياتها، واستفاد من الانشغال الكبير للمرأة بالرجل، ونظرتها إليه كمصباح سحري كفيل بتوفير حل لأهم مشاكلها، وتسلق على ظروف المرأة العصرية الموظفة، وعرض نفسه ك (زوج) مقابل أن تتقاسم معه أعباء هذه الشراكة، ولا غرو إن قلنا إن بعضهم وصل إلى تحميل الزوجة الجديدة أعباء كل التفاصيل المادية لهذه الشراكة من توفير سكن، سائق، خادمة وخلاف ذلك. فكيف لا يكون هذا الرجل على هذه الدرجة من الغرور ليعدد وينوع في زيجاته الجديدة بين الموظفة والمثقفة وتلك التي تونّس ويقضي معها أوقاتا مليئة بالمرح والابتسامات؟! هنا يشرع لي أن أتساءل: أليس هذا النوع من الأنانية موزعا بشكل عادل بين الاثنين: الرجل المعدد (الزوج) والمرأة التي قبلت به (الزوجة الثانية)؟