الدمام – هند الأحمد، سحر الشهري الشملان: المثقفة ليست بالضرورة متكبرة ولديها حساسية الاكتشاف وتحمل المسؤولية النامي: الرجل يخشى أن تلغى شخصيته لأنّ الشريكة المثقفة تعرف ثغراته ومستوى قدراته الصنيع: طلاق المثقفات 40% .. معظمه وسط الشباب وعلى الزوجة احتواء زوجها المقهوي: هناك تزايد في المطلقات المثقفات لكن لا يمكن تصنيفه بالظاهرة النعيم: لابد من تقديم التنازلات مع تفعيل الحوار.. وقبل ذلك دورات توعوية قبل الزواج يخشى كثير من الرجال الزواج من النساء المثقفات، خوفاً من استعراضهنّ دوماً بثقافتهن، أو إظهار قدرات فائقة، وتفوق في المعرفة ومواكبة مستجدات العصر، وتتناقل مجالس المجتمع والمنتديات، اتساع ظاهرة الطلاق في محيط المثقفات، غير أنّ الإحصاءات الدقيقة، بحسب مختصين، تغيب عنها المعلومة التي تكشف عن مدى حقيقة عدم نجاح زيجات المثقفات، خاصة عندما يكون الرجل ذا تعليم متوسط، ومن خلال التحقيق و الاستقصاء، أوضحت مثقفات وكاتبات سعوديات، أن المرأة المثقفة شريكة غير عادية، أو هي «عملة نادرة» فيما أشار مختص إلى أنّ غالبية الرجال يرغبون في زوجات مثقفات، كونهن يمنحن الراحة، ويحسِنّ التقدير، ويمنحن الشعور بالتفوق الاجتماعي للأزواج داخل المجتمع، خاصةً أنّ الرجل يبحث دائماً عن الراحة، والمظهر الإيجابي، في كافة المجالات التنافسية، فيما يرى مستشار أسري أن نسبة المثقفات المطلقات لا تتجاوز 40%. التعليم ليس السبب وذكرت الكاتبة والقاصة السعودية شريفة الشملان أن طلاق المثقفات مجرد حالات عادية، فمن تختار الطلاق كحل، لا بد أنها جربت حلولا أخرى لم تكن ذات جدوى، و ربما قرر الزوجان معا الانفصال لاستحالة الحياة، و المستوى التعليمي ليس سببا للطلاق بالضرورة، والمتعلمة ليست حتما مثقفة، ومدركة للأمور، وقد تكون هناك من تعلمت تعليما متوسطا، و إنما مثقفة الشهادة قد تكون مفتاحا في الحياة، لكن كل الرجال لا يتقنون استخدامه، والمسألة نسبية، فبعض الأزواج يفوقون زوجاتهم تعليماً، و يطلقونهن، فالسيدة المثقفة واعية وليست بالضرورة معقدة ومتكبرة، فالاطلاع يعلمها البساطة والحكمة، ولكن هناك أشياء تغيب عنها دائما.» واستشهدت الشملان بكثير من صديقاتها المثقفات، وهن زوجات سعيدات، وأمهات وجدات ناجحات، فالمثقفة لديها حساسية الاكتشاف والصبر، إضافة إلى البحث عن حلول، كما أنها تعرف كيف تتخذ قراراتها، وتتحمل مسؤولياتها. قوية الشخصية وقالت الكاتبة السعودية هدى النامي أن الرجل غير المثقف، ينفر دائما من الشريكة المثقفة، بسبب طموحاتها، و ظهورها الاجتماعي باستمرار، وتعدد مهامها الاجتماعية، وبينت أن المثقف مناقش لنظيرته، إلا أنه يخشى أن تلغي شخصيته لاحقاً، كونها شريكة قوية الشخصية، تعتمد على ذاتها، ومستقلة تتصرف دون الرجوع إليه في شؤون حياتها. وأضافت: «يمكن أن يحد المستوى الفكري من المشكلات التي تنشأ بين الطرفين، وربما يكون تأخر الشريك فكريا سببا رئيسيا في محاولة السيطرة على الآخرالمتقدم عليه، ونحن كشرقيين لانستوعب دائماً المرأة المثقفة التي تملك زمام أمرها أمام الرجل، ولاشك أن المثقفة تميز قدرات الرجل الشخصية، وتعرف ثغراته، أكثر من المرأة المعتمدة على الرجل تماماً كولي أمر يقرر عنها في كثير من الأحيان، و لكني أرى أن من الحكمة أن تترك المرأة المثقفة مجالاً للشريك حتى يشعر برجولته، كشرقي، طبعا في حدود التفاهم و الاحترام المتبادل، وفي الوقت نفسه يجب أن يكون الرجل واقعيا و يترك للمثقفة الخيار في اتخاذ قراراتها الخاصة بنفسها. تقديم التنازلات من جانبها قالت مديرة مركز التدريب المستمر وخدمة المجتمع النسائي بالقصيم فوزية النعيم «المرأة المثقفة أكثر قدرة من غيرها على إدارة حياتها بأسلوب جديد، وبالتالي تخلق جواً أسرياً جميلاً، وتدير حواراً هادئاً، حين يماثلها الطرف الآخر وعياً، نكابر على المشكلات ونعتقد أنها ليست واضحة، لذلك يحدث الطلاق، الناجم عن أسباب كثيرة يشترك فيها الزوجان،أو يفعّلها طرف واحد. وأكدت على أن الحلول كثيرة لمشكلة الطلاق، ولكن تطبيقها يتطلب صبراً وقوة تحمل، فضلا عن تقديم بعض التنازلات التي لا تمس الكرامة، مع تفعيل الحوار الهادف، واشتراط حضور دورات توعوية قبل اعتماد العقود الزوجية الحديثة». تستعرض ثقافتها وتضيف فوزية النعيم «ليس بالضرورة أن يكون أسلوب المرأة المثقفة سبباً في تجنب الرجل لها، إلا في حال كانت من المنظّرين، وتتعمد استعراض ثقافتها أمامه بشكل مستمر، دون الالتفات لنتائج ذلك، كما أن» كيد المرأة عظيم»، كما جاء في القرآن الكريم، و هو ليس نوعا من الخبث، بل ينبع من الذكاء، فهي قادرة على جعل الرجل قارب نجاة تعبر من خلاله كل مشكلات الحياة الزوجية دون آثار سلبية، فلا تشعره بأنه أقل منها، و مع ذلك فالحياة لا تخلو من المشكلات، و ينبغي على الإنسان الحرص على استمرار حياته تحت مظلة الأمان ونشأة أبنائه في بيئة صحية سليمة حتى يصبحوا أسوياء قادرين على التعامل مع صعوبات الحياة». 40% طلاق د. سليمان الصنيع من جهته أكد المحلل النفسي ومستشار العلاقات الأسرية والمجتمعية، الدكتور سليمان بن حمد الصنيع، أن أعداد المثقفات بين المطلقات بصورة عامة قد لا تتجاوز 40%، ولكن اللافت أن معظم حالات الطلاق تنحصر في أوساط الشباب، وأوضح الصنيع صعوبة تحديد نسبة حقيقية للمطلقات المثقفات والمتعلمات، مرجعا الأمر إلى غياب الإحصاءات الحقيقية، كما أن بعض حالات الطلاق قد لا تسجل إلا في حالة الطلاق البائن، مع صعوبة معرفة الوضع التعليمي للمطلقة. احتواؤه وفهم احتياجاته وشدّد الصنيع على ضرورة التمييز بين المتعلمات والمثقفات، فالمتعلمة تحمل شهادات دراسية، بينما تكون المثقفة حاصلة على شهادة عليا، أو تملك مخزون ثقافة عامة كبيراً. ولا يعد الصنيع طلاق المثقفات أو المتعلمات وصل إلى حد أن يكون «ظاهرة»، لكنه أشار إلى أن عدم توافق المستوى التعليمي أو الثقافي للزوجين، ربما يعيق التفاهم بين الطرفين، ما يقود أحياناً إلى الطلاق. ويرى الصنيع أن ثقافة المرأة من المفترض أن تدعمها في حياتها الزوجية، وتساعدها على إيجاد حلول وبدائل عن الطلاق، كما تزيد ثقافة الزوجة قدرتها على احتواء زوجها وفهم احتياجاته، ولكن إذا ظنت المرأة أن لها دورا آخر أهم من رعاية أسرتها، أو تعالت على الآخرين، حينها فقط تبدأ بالاتجاه إلى الطلاق. كما نفى الصنيع كون المرأة المثقفة غير مرغوبة، وقال»لا أرى أن المرأة المثقفة غير مرغوب فيها، بل على العكس، يجب أن تكون الزوجة مثقفة بغض النظر عن مستواها التعليمي، والسلوك غير السوي من المرأة عموما، هو أحد أسباب تجنب الرجل لها، تماماً كما أن سلوك الرجل الشائن أوغير السوي أحد أسباب تجنب المرأة للرجل». دورات تأهيلية ويوضح الصنيع أن الأسباب الحقيقية للطلاق، لا تتعلق بالمستوى الثقافي أوالتعليمي للمرأة أو الرجل، بل تكمن المشكلة في جهلهما بحقيقة الزواج، و بحقوق وواجبات كل طرف، إضافة إلى عدم تأهيلهما لتحمل مسؤولية الزواج وإنشاء أسرة، و عجزهما عن إيجاد تقارب بينهما، كما أشار إلى إلزامية إخضاع كلا الزوجين لدورات تأهيلية قبل الزواج، كإجراء متبع، مثل الفحص الطبي للحد من حالات الطلاق، إضافة إلى عدم تدخل أهل كل منهما في الخلافات الزوجية، لاسيما في بداية الزواج، إلا في الحالات التي تستدعي ذلك مثل العنف، الإدمان، سوء الخلق، ونادى بضرورة إيجاد مكاتب للاستشارات الأسرية، والحرص على مراجعة الزوجين لها، قبل اتخاذ قرار الطلاق. الهروب من السيطرة خالد الصغيّر وذكر الاختصاصي النفسي د.خالد الصغيّر أن السبب الرئيس لانتشار الطلاق بين بعض المثقفات، من وجهة نظره، هو العجلة في اتخاذ قرار الارتباط بأول متقدم لها، هروبا من فرض السيطرة عليها من قبل والدها، والأسرة بشكل عام، لكثرة المصادمات معهم، نتيجة طرحها أموراً جديدة عليهم، لم يألفوها من قبل فيكون الاصطدام معهم بسبب التغيرات الإيجابية، وتطور الحياة، التي تكونت عبر سنوات الثقافة لديها ما لم يكن ذلك مصحوباً بالتكبر والتفاخر بتفوقها، فيصنف الصغيّر الأمر كنوع من «الهروب الأول»، وفي حين تعتقد أن الرجل الذي وافقت عليه، هو المشروع القادم لها، لطرح ما لديها من خبرة و ثقافة، تتخذ القرار سريعاً، دون أن يكون مبنياً على العقل، بل تطغى عليه العاطفة، وهنا يحدث الفشل، فتبدأ بالتخطيط مرة أخرى للهروب الثاني»الطلاق»، والعامل المشترك في الهروبين، الأول» الزواج غير المتكافئ» والثاني»الطلاق»، هو الرجل الأقل ثقافة أو المرأة المتكبرة. رفع المستوى وأشار الصغيّر إلى أن الحلول المتاحة للتغلب على هذه المشكلة، تكون منذ البداية، أي قبل تشارك الحياة الزوجية، وذلك باستخدام العقل دون العاطفة في القرارات المصيرية، فإذا كانت مثقفة فيجب أن توافق على من يتناغم معها في الطريقة والحوار ورسم المشوار فمعرفتها بالزوج منذ البداية وموافقته وقبوله هذه الزوجة واستعداده للتكيف معها يحد من عملية الطلاق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أرى أن الزوجة المثقفة لو اكتشفت فيما بعد أن الأمور تغيرت وبدأت تأخذ مجرى آخر عن الاتفاقات السابقة وتغير الزوج من ناحيتها فمن الأفضل أن تكون هذه الثقافة مصدرا للتغيير فتحاول رفع مستوى الزوج وتطور نفسها في ذات الوقت، مع مراعاة أن الناس تترقب ما يحدث، إن كان يعكس رأيها وشخصيتها أم يخالف وجهات النظر التي كانت تتبناها في أطروحاتها، فهي إن ناقضت نفسها، ستفقد مصداقيتها. المستوى التعليمي وأكد الصغيّر أن تفاوت المستوى التعليمي للزوجين، أحد أسباب الطلاق، وأضاف «الفارق بالمستوى التعليمي أعتبره فارقا في عدد السنوات فالمرأة المثقفة تكبر بعقليتها الرجل غير المثقف، فتجد المرأة صعوبة في التوسع أثناء الحوار، لأن مجاله ضيق ومجالها واسع، وهو يسلك طريقاً واحداً، بينما ترى هي أن هناك طرقاً متعددة، وهنا يختلفان، وتعلو الأصوات، فتأتي نزعة الرجل لفرض الرأي الواحد بعيدا عن المشاركة، وتخرج من دائرة الاختيار إلى الإجبار، و لن ترضى به بحكم ثقافتها، ومع تكرار الأحداث تجد نفسها أنها تلجأ للطلاق، لذلك فإنني كثيرا ما أحذر من هذا التفاوت في مستوى التعليم بين الزوجين». تمنحهم الراحة ويرى الصغيّر أن أغلب الرجال يرغبون في المرأة المثقفة كزوجة، كونها تمنحهم الراحة، وطبيعة الرجل تدفعه إلى البحث عن الراحة، حتى في المجالات التنافسية، فهو لا يُقدم عليها إلا عند وجود الدعم والمساندة، من شخص يشاركه الأعباء، خاصة في تربية الأبناء، وتأهيلهم ليكونوا على مستوى عالٍ من الثقافة، إلا أن قليلين فقط هم من يخشون تفوق المرأة المثقفة عليهم، حتى في تربية أبنائهم، لذا لا يرغب في الزواج منها، الأمر الذي يعكس تدني ثقافته. مواجهة الزوج و يبين الصغيّر أن المرأة المثقفة تكشف مناطق الضعف في شخصية الرجل، فيتجنبها، حين تثبت للرجل تفوقها عليه، والرجل لا يرغب بتغلب المرأة عليه، كما لا يتقبل بطبيعته مصارحة المرأة له بعيوبه بشكل مباشر، ويحذر الصغير المرأة من المواجهة المباشرة مع الزوج، خاصة أن كثيرا من المثقفات يتوقعن أنه باب لفتح الحوار، في حين يزعج الأمر الرجل، و يجعله يتجنب الزوجة، و لكن المثقفة تستطيع طرح أي مشكلة بأسلوب راق يعكس ثقافتها دون شعور الرجل، وهنا يتضح الفرق بين المثقفة الحقيقية وبين المزيفة، والمثقفة تعكس سلوكها الحضاري مع الجميع دون تمييز، كون المرأة أكثر التزاما بما تتعلمه من الرجل، فضلا عن أن التطبيق الفعلي للرجل أبطأ منه لدى المرأة، فالتغيير عند المرأة عاجل، بينما عند الرجل يتأخر. فوارق مادية واجتماعية وأوضح اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد المقهوي أن هناك تزايدا في أعداد المطلقات المثقفات مقارنة بغيرهن، و لكن لا يمكن تصنيفها بالظاهرة في ظل عدم وجود إحصائيات وأرقام دقيقة في هذا الصدد، وفيما يتعلق بالأسباب فهي عديدة وقد تتوافق إلى حد كبير مع أسباب الطلاق مع غير المثقفات، كوجود الفوارق بين الزوجين المادية أوالتعليمية أو الاجتماعية، ومع غياب الانسجام، تسبب هذه الفوارق خلافات زوجية متعددة، يمكن أن تنتهي بالطلاق، فالمشكلة الحقيقية ليست الفوارق في حد ذاتها، بل في عدم وضوح هذه الفوارق منذ بداية الزواج، أو تجاهلها، ثم لا تلبث أن تظهر بعد الزواج، وتبرز الخلافات الناتجة عن الفروقات، ولو وجد اتفاق بينهما قبل الزواج للتعامل معها، لما وصل الزوجان إلى الطلاق. وضوح الرؤية و يعد المقهوي «وعي الزوجين» باختلاف كل منهما عن الآخر، وكيفية التعامل مع هذا الاختلاف، فمثلا لو كانت الزوجة جامعية بينما زوجها أقل منها تعليماً، لا يفترض أن يتحول ذلك إلى سبب لانتقاصه، أو الترفع عليه، و إنما على الزوج مراعاة مستوى المرأة التعليمي عند التعامل معها، فيكون مهيئا لتحمل تبعات ذلك، مثل انشغالها، فعليه تقبل ذلك طالما قبل الزواج منها، فوجود هذه الاتفاقات، ووضوح الرؤية بين الزوجين منذ البداية، هو أهم أسباب الانسجام، ما يساهم في تقليل الطلاق». نقص وقصور ويضيف المقهوي: «قد يعتبر البعض أن المرأة المثقفة تكشف جوانب الضعف لدى الرجل، لذا يلجأ إلى تجنبها، إلا أنني لا أعتقد أن ذلك صحيح، لأن محاسن وعيوب كلا الزوجين تنكشف لهما بعد الزواج، والعلاقة الزوجية الناضجة والراقية تقوم على الاحترام المتبادل، ومراعاة كل منهما لجوانب النقص والقصور لدى الآخر، ومن ثم التعاون لتعديلها إذا أمكن، والصبر وغض الطرف عنها عند تعذر التعديل، ويكون هذا الأمر متحتما بشكل أكبر في حال المرأة المثقفة والرجل المثقف الذين نتوقع منهما أن يكونا أكثر نضجا ووعيا في طرق التعامل مع جوانب النقص والقصور لدى الطرف الآخر، أما استغلال تلك المعرفة في الانتقاص من الطرف الآخر، واستصغاره، فهو دلالة على عدم النضج الكافي في العلاقة الأسرية.