أخطر شيء يواجه أي عملٍ في الحياة يُراد من خلاله تحقيق أهدافٍ معينةٍ وفق توجّه معين هو غياب التخصص، إذ لا يمكن أن تحقق أي منظومةٍ أهدافها وهي لا تؤمن بمبدأ التخصص، بهذا يكون العمل معرضاً لمخاطر كبيرة، قد تجعل من فرص نجاحه ضعيفةً، وقد يسقط في نهاية الأمر؛ لذا كان من المهم أن تقدم الأندية في قطاع الرياضة والشباب نفسها بهذا المفهوم؛ حتى لا تقع في إشكاليات كبيرة تكلفها خسائر بمختلف أنواعها. في كرة القدم على مستوى التنظيم واللوائح والأنظمة، نجد أن الأندية السعودية تعاني بشكلٍ كبيرٍ، حتى على مستوى اتحاد الكرة، فغياب الكوادر المتخصصة الفاهمة والمدركة لتفاصيل الأنظمة والقوانين واللوائح الصادرة من جهات تنظيمية مسؤولة عن الاتحادات أو الأندية، يجعل تلك الأندية والاتحادات تقع في مشاكل كبيرة، قد تصل إلى مراحل أكثر خطورة من ناحية العقوبات، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن الممكن أن نتخيّر في الكرة السعودية بالذات ولا نتحير -إن صحّ التعبير-، لنبدأ بالأندية ونختار النادي الأهلي، بالرغم أن عند كل نادٍ مشكلة من نفس النوع أو في جزئية مشابهة لهذه القضية، فالنادي الأهلي ألزمته غرفة فضّ المنازعات بفسخ عقد "معتز الموسى"، وأجبرت إدارته على تسليمه حقوقه المالية كاملة، والتي بلغت خمسة ملايين ريال، والسبب أن اللاعب لم يشارك في أي مباراة طوال الموسم، وهذا مخالف للائحة التي تنصّ على وجوب مشاركة اللاعب المحترف على الأقل في 10% من مباريات فريقه خلال الموسم، وهذا ما لم تنتبه له إدارة نادي الأهلي، وهو خطأ إداري واضح؛ بسبب غياب مسؤول الاحتراف المتخصص، الذي يفهم في اللوائح والأنظمة. مثال ثانٍ وأريد أن أشير إلى أن الأمثلة التي أسوقها في هذا الشأن تخصّ أنديةً كبيرةً لها باعٌ طويلٌ في هذا المجال، وتاريخٌ كبيرٌ، وهي من أهم الأندية في السعودية، المهم نعود للمثال الثاني: فقد قررت غرفة فضّ المنازعات ضدّ إدارة الهلال وإلزامها تسليم إدارة التعاون القيمة المتبقية من مستحقات اللاعب الثنيان، ولا تحتاج إدارة الهلال إلى أن تستأنف لو وجد مسؤول احتراف يفهم الأنظمة والقوانين في هذا الجانب ومطلع عليها، وكان بإمكان إدارة الهلال توفير الوقت والمال، فالقضية حقوقيةٌ واضحةٌ لا تحتاج إلى استئناف..! أما على مستوى الاتحاد السعودي، فحدّث ولا حرج، فالقضايا كثيرةٌ، والسبب واحدٌ، هو جهل المسؤولين في اتحاد الكرة بالأنظمة والقوانين، وهذا نتاج غياب المتخصص المهتم بنوعية العمل ودقته، والقادر على اتخاذ القرارات السليمة التي تحمي اتحاد الكرة أو أي اتحاد من الوقوع في شِراك التجاوزات القانونية أو تجاوزات أُخرى من أي نوع تُضعف من موقفه، ولعل قضية سعيد المولد دليلٌ واضحٌ على وجود التخبّط في الجانب القانوني لدى بعض لجان اتحاد الكرة. الحقيقة المهمة، والتي تؤلم كل رياضيٍّ، أن الأخطاء التي تحدث لا تدل على أن منظومة العمل في الرياضة السعودية تسير بشكل سليم، رغم أن الحلول واضحةٌ، ويمكن تلافي الكثير من المشاكل متى ما أوجدنا الكوادر المتخصصة التي تساعد على إخراج العمل بشكل جيد ومنظم..!