أجد الأمر غريبا أن نستغرب ما يصدر من قرارات من لجان اتحاد كرة القدم فالأحوال التي تعيشها لجان الاتحاد (لجنة الانضباط – لجنة الحكام – اللجنة الفنية– لجنة المسابقات– لجنة المنتخبات– لجنة دوري المحترفين) تشير إلى مزيد من التخبط والفوضى في اتخاذ القرار حيث لا مرجعية قانونية واضحة ومنضبطة، وبعيدا عن ذلك كله فإن تشكيل (لجنة الاستئناف) باتحاد كرة القدم منتصف العام الماضي التي وصفت بأنها (الجهة المختصة بالاتحاد للنظر في جميع الاستئناف ضد قرارات لجنة الانضباط، وكذلك ضد القرارات الصادرة من اللجان الأخرى بالاتحاد)، وتشكيل (لجنة فض المنازعات الرياضية) باللجنة الأولمبية السعودية جاء ضمن هذا السياق. ودون الدخول في حديث قانوني قد لا تتسع له المساحة، فإن (لائحة لجنة الاستئناف) حملت مخالفات قانونية دستورية تتعارض مع النظام الأساسي للحكم ومع الأنظمة القضائية السارية في المملكة، فعلى سبيل المثال تضمنت المادة (2) التي تناولت (إطار تطبيق اللائحة من حيث الأشخاص) النص على أن اللائحة تطبق على كل من الأندية، والمنتمين للأندية من الإداريين والفنيين، واللاعبين من الهواة أو المحترفين، وحكام المباريات والمقيمين والمراقبين، ثم أضافت تلك المادة إلى الفئة التي تطبق عليها اللائحة (جمهور المباريات أو المتفرجين عليها بالملعب)، ومن المعلوم أن هؤلاء يخضعون في أي مخالفة تصدر عنهم للقضاء العام وهو المحاكم المختصة لا للجنة مثل هذه. أضيف إلى ما تقدم أن قرار تشكيل (لجنة فض المنازعات الرياضية) باللجنة الأولمبية السعودية تضمن مخالفات دستورية جسيمة تمثلت في إضافة اختصاصات تملك صلاحياتها جهات قضائية أخرى، مثل ذلك النص الذي يضيف لاختصاص اللجنة (المشاكل بين الشركات الراعية والهيئات الرياضية)، أو (القضايا ذات العنصر الدولي بعد نفاذ درجات التقاضي في الاتحادات الرياضية)، أو (القضايا التي يتفق الأطراف على التحكيم لحل نزاعها). وإذا نظرنا إلى ضوابط تشكيل السلطة القضائية في المملكة العربية السعودية فإننا نجد أن النظام يرتب المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها كما يبين ترتيب المحاكم واختصاصاتها، وإن الولاية العامة في القضاء تنعقد للمحاكم العامة التي لها بمقتضى ذلك سلطة الفصل في جميع المنازعات والجرائم التي لم تستثنى بنظام خاص - أي لا أن يتم الاستثناء بنص لائحي- فالولاية العامة تنعقد أساساً للمحاكم، ولا يخرج عن نطاق تلك الولاية إلا ما يستثنى بقانون، وأجاز النظام إنشاء محاكم متخصصة بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى وموافقة السلطة التشريعية، وأنشئت بمقتضى ذلك عدة جهات قضائية متعددة بجانب المحاكم منها ديوان المظالم، ولجان حسم المنازعات التجارية، ولجان حسم المنازعات العمالية، وجهات قضائية متخصصة أخرى. اخلص مما تقدم إلى انه تم فيما يبدو تشكيل (لجنة الاستئناف) باتحاد كرة القدم و تشكيل (لجنة فض المنازعات الرياضية) باللجنة الأولمبية السعودية دون الحصول على استشارات قانونية كما تقتضي ذلك أعراف العمل التشريعي المنظم وتقاليده، أو أن من تقدم بتلك الاستشارة القانونية كان يحمل مؤهلا قانونيا من جامعة غير معترف بها مما أدى إلى إجازته إصدار اختصاصات تلك اللجنتين بصورة امتلأت بها بالثغرات القانونية التي يعلمها طلبة السنة الأولى في تخصص القانون.