قرر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الموافقة على تنظيم هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، ويكون دورها الرئيسي العمل على توليد الوظائف ومكافحة البطالة في المملكة، من خلال التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل، وتعزيز المشاركة بينها، والعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الغرض. توقعت سابقاً تشكيل هيئة مختصة في توليد الوظائف ومكافحة البطالة التي عانى منها اقتصادنا لسنوات طويلة، ويعتبر هذا القرار إيجابيا جداً خصوصاً إذا كان هناك صلاحيات واضحة للهيئة، وفي هذا المقال سأذكر وجهة نظري الشخصية للمرحلة المقبلة في سوق العمل، وأهم التوجهات التي ينبغي على الهيئة الجديدة التركيز عليها. يتراوح عدد الداخلين لسوق العمل في المملكة بين 250 – 300 ألف سنوياً، وهذا العدد يفوق عدد فرص العمل المتاحة سنوياً، ووفقاً للمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها المنطقة، وخصوصاً بعد هبوط أسعار النفط، سيكون هناك تحديات كبيرة ستؤدي إلى انخفاض فرص العمل خلال السنوات الثلاث القادمة، وسيوافقه ازدياد في أعداد الباحثين عن العمل، خصوصاً بعد توجه أغلب منشآت القطاع الخاص للبدء في برامج لتخفيض التكاليف لمواكبة المتغيرات الاقتصادية الحالية، وسيكون هناك ضعف في استحداث فرص عمل بناء على الوضع الراهن في القطاعين الحكومي والخاص، وبناء على ذلك ستكون الحاجة أكبر لوجود استراتيجية واضحة ومرنة من خلال هيئة لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة. الإستراتيجية ينبغي أن تتركز على محورين أساسيين، آلية لتوسيع فرص العمل من خلال دعم وتطوير المنشآت الحالية وتسهيل دخول وتأسيس منشآت حديثة للسوق، والمحور الثاني آلية لزيادة التراكم المعرفي في سوق العمل من خلال تطوير كفاءات ومهارات الباحثين عن العمل؛ ليتم إحلال جزء منهم تدريجياً والجزء الآخر يتم تهيئتهم ليكونوا أصحاب عمل بدلاً من موظفين. ولو تعمقنا في المحور الأول سنجد أنه من المهم دعم القطاع الخاص وخصوصاً المنشآت الحالية بالسوق، فعلي سبيل المثال، التوجه الفعلي لربط المساعدات التي تقدمها المملكة لبعض الدول بشراء منتجات صناعية سعودية كنوع من الدعم، مما يزيد من قوة تواجد تلك المنشآت في السوق وينتج عن ذلك توليد فرص عمل أكبر، وإضافة لذلك الاهتمام الأكبر بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال وضع ضوابط أكثر مرونة، وأيضاً إعادة النظر في أنظمة الاستثمار الأجنبي؛ لتشجيع دخول استثمارات أجنبية مجدية تفتح فرص عمل مناسبة، وأخيراً تشجيع الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص وذلك بتخصيص جزء من المشتريات الحكومية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مما يزيد من قوة تواجدها. أما بالنسبة للمحور الثاني فسنجد أنه من المهم عدم الاعتماد فقط على عمليات التوظيف الروتينية، فهناك طرق للتوظيف عديدة منها الجزئي والعمل عن بعد والذي لها تأثير كبير في حل مشكلة البطالة النسائية، خصوصاً في التوسع الجغرافي الكبير للمملكة، وإضافة لذلك عدم الاعتماد فقط على عملية نقل الباحثين عن عمل من دوامة البطالة إلى التوظيف، ولكن بالتركيز على تأهيل كوادر ليتحولوا إلى أصحاب عمل. ختاماً.. الخصخصة وخفض سن التقاعد ووظيفة للابتكار في كل وزارة، توجهات لا بد من تطبيقها.