مبادرة الطريق والحزام الاقتصادي الواحد الذي تعمل الصين على دعمه على مستوى العالم، كونه يمر عبر طريق الحرير الصيني، هي استراتيجية للتنمية ومبادئ جديدة تقترحها جمهورية الصين الشعبية. يرتكز المبدأ الصيني لهذا الطريق على الترويج لدور اقتصادي أكبر للصين على مستوى العالم، معتمدة على إنعاش التواصل على والتعاون بين دول «أوراسيا» بالمقام الأول. فمنطقة أوراسيا تشمل إلى جانب قارة أوروبا كلا من الصينوالهندوروسيا بجانبها الآسيوي «سيبيريا». تدعو المبادرة لدمج المنطقة إلى منطقة اقتصادية متماسكة من خلال بناء البنية التحتية، وزيادة التبادلات الثقافية، وتوسيع التجارة البينية. وقد قامت كل من الصينوروسيا بتقديم مبادرات مشتركة سابقة لوصل مناطق سيبيريا وغرب المحيط الهادي. أهم هذه المبادرات كان بنك الاستثمار في البنية التحتية الأسيوي «آيب»، الذي اطلقته الصين في بداية العام 2014، ولا تضم عضوية بنك «آيب» لا الاتحاد الأوروبي ولا الولاياتالمتحدةالأمريكية أو أيا من منظماتها. ولكن على الرغم من وقوف هذا البنك في مواجهة منظمة البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، الذي قدر حاجة المنطقة إلى 8 تريليونات دولار كاستثمارات لتنمية الاقتصاد على مدى العقد الحالي. وعلى الرغم من الموقف الأمريكي السلبي والمتشكك حيال بنك الاستثمار الصيني، الذي رفع رأسماله إلى 100 مليار دولار، فقد انضمت كل من المملكة المتحدة وأستراليا وألمانيا بالإضافة إلى دول جنوب شرق آسيا حتى إندونيسيا. كما تشارك كل من السعودية والإمارات والكويت وعمان والأردن ومصر مع تركيا وإيران وباكستان في عضوية هذا البنك. إضافة إلى طريق الحرير البرية، تشمل هذه المبادرة عددا من الطرق المرتبطة مثل «طريق الحرير البحري» (MSR) الذي يربط شمال أفريقيا بالمحيط الهندي وبحر الصينالجنوبي إلى غرب المحيط الهادي. وكذلك يوجد كل من مجرى الصين- باكستان الاقتصادي والصين- الهند الاقتصادي إلى جانب الجسر البري الواصل إلى الشرق الأقصى الروسي. وقد قامت روسيا بإنشاء صندوق تمويل لاستثمارات هذا الجسر بالشراكة من شركة الصين للاستثمار في العام 2012. تهدف كل هذه المبادرات الصينية إلى تصدير الطاقة الإنتاجية لصناعاتها ذات الفوائض الانتاجية مثل صناعة الصلب. وتبرز الحاجة إلى مثل هذه المبادرات والمنظمات الصينية خصوصا بعد تراجع معدلات النمو في الصينوالهندوالولاياتالمتحدة وألمانيا مؤخرا، بالإضافة إلى تراجع أسعار السلع والطاقة. مشاركتنا في هذه المبادرة تجسد الأهمية التاريخية للتجارة بين الصين وأوروبا عبر الشرق الأوسط. ومن المهم أن يعكس تأثيرنا على الطريق المستقبلية احتياجاتنا التنموية من بناء صناعات جديدة والتوظيف الأفضل لمواردنا الاقتصادية. فالطاقة باتت هي المحور الأساسي الذي تقوم عليه هذه الطرق. فالاستثمار في البنية التحتية معني بتوفير أكثر طرق نقل الموارد والتجارة ملائمة وفائدة للمستثمرين. ولذلك فمن الضروري أن نستقطب استثمارات هذه الهيئات الجديدة لتعميق التعاون مع الصين، خصوصا مع عودة ايران إلى أسواق الطاقة والبتروكيماويات بعد رفع العقوبات في اتفاقها النووي مع القوى العظمي. وجود دول مثل إندونيسيا وتركيا بالإضافة إلى جمهوريات وسط آسيا يعمق من العلاقات السعودية مع دول المنطقة، وبرامجها التنموية لابد من أن تنعش الحركة الاقتصادية السعودية. مع استقرار أسعار النفط في الفترة الأخيرة فوق 50$ للبرميل، سيكون علينا العودة بقوة إلى الاستثمار في الطاقة، خصوصا بعد الأخبار السيئة عن تراجع الاستثمار العالمي في قطاعي النفط والغاز من الهند والبرازيل.