إهداء الى الشاعر أسامة بدر * 1 - تعنيف الأب لم يثن الفتى عن تكرار محاولاته الفاشلة، يتسلل كل ليلة خفية، يذهب لحقل والده يغرس النغمات بالأرض، ينثرها من ناي قديم ويثبتها برفق، لم ينجح يومًا. * 2 – لبنى صبية، زارها خراط البنات، انتصب العود وأزهرت، تخطو كغزال صغير، تهفو إليها العيون. * 3 – الفتى جالس في حضن شجرة الجميزة العتيقة، محتضناً كراسته الزرقاء، انعطفت لبنى عن مسارها وتقدمت نحوه، ناولته منديلها الزهري، تلقفه الفتى مذهولاً، وانصرفت خجلى بخطوات مرتبكة. * 4 – لم يذق الفتى طعم النوم، في الليل وبجفون حمراء ملتهبة طار الى الحقل، وهناك مسح الناي بمنديل لبنى، انسابت النغمات غير كل مرة، واحتضنت الأرض، وأثمرت شجيرات موسيقية مضيئة، تداخلت مع نسيم الفجر، وصدحت بنغمات لم يسمعها بشر من قبل. * 5 – صار الحقل الموسيقي حديث الناس والقرى المجاورة، شجيرات الموسيقى تعزف النغمات ليلاً وسط حشود القرويين. * 6- لم يتحمل عجائز القرية ما حدث، الفلاحون توقفوا عن العمل بالحقول، يسهرون طوال الليل لمشاهدة الأعجوبة، ثارت مناقشات حول شيطنة النغمات وحرمتها. وفي اجتماع كبار شيوخ البلدة، تم الحكم بنفيه بعيداً ونزع كافة الشجيرات الموسيقية. صار الفتى غريباً في بلاد غريبة، لا يفارق جيبه ناي قديم ومنديل زهري.