لا شك أن الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى الشريف تقف على رأس الأسباب التي أدت لاندلاع المواجهات التي لا تزال مستمرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي، ومحاولة «تهدئة الخواطر» التي تمارسها اسرائيل حاليا تستهدف الحد من غليان الفلسطينيين رغم التصريح علنا بأن اسرائيل لا تعتزم الاقدام على أي تغيير يتعلق بالحرم القدسي. ويبدو واضحا للعيان أن اسرائيل تحاول استغلال قضية الحرم القدسي لأغراض اعلامية بحتة، فالتحريض الديني الذي تمارسه بعدوانها المتكرر على المسجد الأقصى سوف يؤدي الى استمرارية المواجهات الدامية بين الفلسطينيين من جانب وجيش الاحتلال والمستوطنين من جانب آخر، وهي مواجهة اذا استمرت في تصاعدها الحالي فإنها قد تؤدي الى قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة. تجدد المواجهات في الضفة الغربية ونابلس والخليل وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة يعني فيما يعنيه أن اسرائيل ماضية قدما في صناعة العراقيل التي تصب في روافد ايقاف عملية السلام في الشرق الأوسط وتعطيل فكرة التفاوض بينها وبين الفلسطينيين الى أمد مجهول، كما أن المواجهات من جانب آخر قد تعطل كل المبادرات السلمية لاحياء عملية السلام في المنطقة. واستخدام الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الغازية ضد الفلسطينيين الغاضبين لن تجدي نفعا في وقف المواجهات الحالية المحتدمة، كما أن توظيف المستوطنين للنيل من الفلسطينيين لن يوقف موجة تلك المواجهات الهادرة التي تدل بوضوح على استمرارية الفلسطينيين في نهجهم الواضح المتمحور في مطالبتهم بحقوقهم المشروعة التي لا بد من اعادتها مهما طال الزمن. لقد بلغ استفزاز الفلسطينيين ذروته باعلان اسرائيل السماح لمسؤولين وبرلمانيين من دخول الحرم القدسي بهدف الحيلولة دون مزيد من المواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الاسرائيلية، وهو اعلان ما زال يجابه بردود فعل عنيفة من الجانب الفلسطيني، فزيارة أعضاء من الكنيست الاسرائيلي للأقصى الشريف سوف تزيد الطين بلة ولن تؤدي كما يزعم ساسة اسرائيل لوقف المواجهات الحالية الدامية. وتعلم اسرائيل أن اقتحامات مسؤولين في حكومتها للأقصى الشريف تحت حماية شرطة الاحتلال سوف تؤدي الى مزيد من سخط الفلسطينيين وترفع من وتيرة المواجهات الصاخبة ولن تؤدي تلك الاقتحامات كما تزعم اسرائيل لوقف الغضب الفلسطيني العارم، فدخولهم ودخول المستوطنين الى المسجد الأقصى الشريف يمثل تحديا صارخا لمشاعر المسلمين ويمثل خطوة عدوانية لتهويد المسجد وتقسيمه. ومواصلة الفلسطينيين التصدي لكل الانتهاكات والجرائم التي تمارسها اسرائيل ضد القدس الشريف تمثل عملا مشروعا ومصادرة لأي قرار اسرائيلي يمس كرامة المسجد الأقصى وكرامة المسلمين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها، فاقتحام المسؤولين الاسرائيليين لحرمة القدس ما زال يواجه بغضب من السلطات الدينية الاسلامية القيمة على الحرم القدسي. ويبقى على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الكاملة في وقف التعسف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وضد مقدساتهم، فمنع تصعيد المواجهات لا يتحقق الا باحترام مشاعر المسلمين واحترام الحقوق الفلسطينية المشروعة.