أنهى سوق الأسهم السعودية تداولات الأسبوع الماضي على تراجع طفيف بنحو 100 نقطة، أي بنسبة 1.3% تقريباً، وفي رأيي أن الهدوء النسبي الذي شاب تداولات الأسواق العالمية بالإضافة إلى عدم وجود أخبار محلية جوهرية ساهم في الافتتاح الأسبوعي الهادئ نوعاً ما بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، لكن ذلك لا يعني أن السوق وصل إلى مرحلة الاستقرار، وأنه بصدد قواعد سعرية جديدة ستأخذه نحو الصعود؛ لأنه من المبكر الحديث عن هذا الأمر، خاصةً وأن أسواق السلع الدولية وأسواق الأسهم العالمية لم تصل هي الأخرى مرحلة الاستقرار، بل ما زال المسار الهابط على بعضها مستمراً. أما من حيث السيولة المتداولة، فقد بلغت خلال الأسبوع المنصرم حوالي 8.2 مليار ريال، وتراجع السيولة بهذا الشكل يعود إلى أن الأسبوع الماضي كان يحتوي على 3 جلسات تداول فقط، لذا لا يمكن المقارنة بينه وبين الأسبوع الأخير من التداولات قبل الإجازة، لكن لو تم تقسيم السيولة على الجلسات الثلاث لتبين لنا مدى الضعف الكبير في السيولة، ربما لأن تلك الجلسات أتت بعد إجازة، وأن المتداولين لم يستعيدوا لياقتهم المضاربية بعد، أو لعدم ثقتهم الكاملة من تماسك السوق لو حدثت هزات اقتصادية خارجية. وقد اتسمت تداولات شهر سبتمبر المنصرم بضعف التذبذب وقلة نسبة الهبوط، حيث بلغت 1.5% فقط مقارنةً بنحو 17.3% لشهر أغسطس الماضي، وربما يكون ذلك يعني أن السوق تمكن من امتصاص صدمة الهبوط السابق، وأنه قد استوعب تلك المرحلة، لكن لا بد من الانتظار حتى تتضح معالم السلوك السعري للمؤشر العام وهل سيحافظ على مستويات 7,000 نقطة، أم أن الفترة السابقة عبارة عن مرحلة لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة الهبوط من جديد. التحليل الفني من خلال النظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام، أجد أنه يتداول خلال الفترة الراهنة داخل ما يشبه المثلث، ومثل هذا السلوك دليل على وضع الحيرة القائم بسبب اشتداد الصراع بين قوى البيع وقوى الشراء، حتى أصبحت في وضع متساو تقريباً، لكن عادةً ما يتخذ الرسم البياني بعد هذه الحالة مساراً واضحاً، وفي الأغلب في الوضع القائم سيكون المسار القادم هابطاً، لأن المسار الرئيسي الحالي هابط، لكن لا تتأكد تلك الفرضيّة إلا بكسر دعم 7,200 نقطة والإغلاق دونها ليومين متتاليين، حينها تتضح معالم المسار الهابط، وأن الاتجاه سيكون لما دون قاع 6,950 نقطة، والذي تم الارتداد من عنده نهاية شهر أغسطس المنصرم. أما الرؤية الإيجابية للسوق فلا يمكن الجزم بها إلا بعد اختراق المقاومة الأعنف 8,000 نقطة والثبات فوقها، حينها يمكن الحديث عن اتجاه صاعد قد يقود السوق لمشارف 8,700 على الأقل. أما من حيث القطاعات، فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية قد استبق في حركته المؤشر العام للسوق، حيث أكد بشكل كبير مساره الهابط القادم ولم يبق له سوى كسر قاع 16,260 نقطة، وأتوقع أن يكون لسلوك القطاع القادم تأثيراً كبيراً على المؤشر العام، نظراً للشبه الكبير بين السلوك السعري للقطاع وللمؤشر العام، وهذا يوحي بأن ما سيقوم به قطاع المصارف سيقوم به المؤشر العام للسوق تباعاً. أيضاً قطاع الصناعات البتروكيماوية ما زال يرزح تحت وطأة المسار الهابط، خاصةً وأنه لا يزال دون مستوى 5,300 نقطة للأسبوع السابع على التوالي، لكن هذا لا يمنع أن نشاهد موجة ارتدادية صاعدة قد تعود بالقطاع إلى ذلك المستوى المكسور، وهذا سيعطي السوق شيئا من التوازن في ظل استمرار السلبية على قطاع المصارف كما أسلفت، لكن من غير اختراق مستوى 5,300 نقطة على قطاع الصناعات البتروكيماوية يبقى المسار الهابط قائماً. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع، فهي قطاعات الاسمنت والتجزئة والطاقة والزراعة والاستثمار المتعدد والتشييد والبناء والتطوير العقاري. من جهة أخرى، أجد أن القطاعات التي من المتوقع أن يكون أداؤها سلبياً هي قطاعات الاتصالات والتأمين والاستثمار الصناعي والنقل والاعلام والفنادق والسياحة. أسواق السلع العالمية ما زال خام برنت يتداول في نطاق ضيق جداً لا يتجاوز 4 دولارات فقط، وذلك للأسبوع الرابع على التوالي، وهذا السلوك السعري في نظري لا يعني وصول أسواق النفط إلى مرحلة الاستقرار، بل بالعكس هي مرحلة استراحة قبل أن تواصل الأسعار نزيفها، خاصةً إذا أعلنت إحدى دول أوبك رفع إنتاجها النفطي، وهذا ما تكهنت به بعض وسائل الإعلام بأن تقوم به المملكة، لكن تلك الفرضية لا تتأكد إلا عند كسر مستوى 45 دولارا للبرميل. أما الإيجابية فلا يمكن الحديث عنها إلا عندما يتجاوز سعر الخام 50 دولارا، وهذا لا يكون إلا بتخفيض الإنتاج من قبل الدول المنتجة، وهذا ما لا أتوقع حدوثه في الفترة القريبة. أما خام نايمكس فيسير بنفس خطى سابقه، فالموجة الحالية هي موجة أفقية والأسعار حتى الآن فشلت في تجاوز مستوى 50 دولارا، مما سبب ضغطاً كبيراً على القطاع النفطي الأمريكي الذي يعيش أياماً عصيبة دفعت بأكثر من 16 شركة نفطية إلى إعلان الإفلاس، كما قامت عملاق الصناعة الأمريكية بتسريح حوالي 2,000 موظف كاستمرار لحالة خفض النفقات التي تنتهجها الشركة منذ أكثر من 6 أشهر، لكن القشة التي ستقصم ظهر قطاع النفط الصخري الأمريكي هي تراجع الخام لما دون 40 دولارا لحوالي العام، هذا في رأيي سيجعل النفط الصخري الأمريكي قطاعا مهددا بالتوقف، وهذا سيجعل الحلم الأمريكي بالوصول لمرحلة الاكتفاء والتصدير صعب المنال. في المقابل أجد أن أسعار الذهب تراجعت بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، مما افقدها دعم 1,110 دولارات للأوقية، وهو مستوى مهم خلال المرحلة الحالية، وبقاؤه دون هذا المستوى خلال بداية هذا الأسبوع يعني أن الأسعار ستتجه لمناطق 1,030 دولارا، ومما يدعم هذه الفرضية تراجع مشتريات الصين للمعدن النفيس خلال الأشهر القليلة الماضية. أما السيناريو الإيجابي فلا يكون حاضراً إلا بتجاوز الذهب لمقاومة 1,150 دولارا والثبات فوقه حتى يتمكن بعد ذلك من ملامسة مستوى 1,260 دولارا للأوقية. أسواق الأسهم العالمية يبدو أن ضعف التذبذب على أسعار النفط وقوة سعر صرف الدولار أثرا سلباً على أداء مؤشر داو جونز الأمريكي، فحتى الآن لم يتمكن من اختراق أهم مقاومة له وهو مستوى 17,000 نقطة، لكن في المقابل لم يتأكد المسار الهابط لأنه ما زال فوق مستوى 15,900 نقطة، وهذا ما يفسر ضعف تذبذب المؤشر خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لكن يبدو أن ضغط أسعار النفط والأزمة الصينية ستدفعان بالمؤشر إلى التراجع وذلك بعد أن يكسر دعم 15,900 نقطة. أما مؤشر داكس الألماني فيبدو أنه يحاول امتصاص صدمة ما حدث لشركة فولكسفاغن من تلاعب في تصنيع أنظمة عوادم السيارات، والتي ستكلف الشركة حوالي 6 مليارات يورو، وتلك المحاولات بدأت بالظهور بعد اقترب المؤشر من دعم 9,250 نقطة، والتي تُعتبر من أقوى الدعوم الحالية والذي بكسرها سيتوجه الداكس نحو مستويات 8,350 نقطة كمرحلة أولى، لكن احترام الدعم المذكور سيدفع بالمؤشر إلى الارتداد صعوداً حتى مقاومة 10,200 نقطة. أخيراً، فإن مؤشر نيكاي الياباني قد تمكن نهاية الأسبوع المنصرم من الثبات فوق المسار الصاعد الرئيسي، لكن ذلك الثبات أتى بعد كسر، وهذا يعطي إشارة بأن المؤشر لو عاد مستقبلاً لهذا المسار فإنه سيتم كسره بالتأكيد، والكسر في تلك الحالة يعني أن المسار الصاعد على السوق الياباني والممتد منذ العام 2012م قد انتهى، لكن يبدو أن هناك ارتدادا صاعدا أخيراً ابتداءً من هذا الأسبوع قبل أن يتم كسر ذلك المسار.