(1)نسيت تفاصيل الأحلام هذا الحانوت مررت عليه مرارا أخذتني أحلامي السوداء إليه ظننت بأني كنت وحيدا.. حين لمحت زواياه الملأى بالأوراق وبالنيران.. وبالنظرات الولهى نحو الغيب سألت الحراس: أكان هنا هذا الموبوء بذاكرة الليل؟ أكان يغني كالطير المجروح ويرقص كالمجنون على صوتي؟ لا أفقه ماذا قالوا عني لم تصل الألحان إلى أذني كان يغيبني الموت طويلا حين أداعب وهمي.. أو أعبث بالأوهام الخجلى حين تكسر سهمي.. لم يفهم هذا الموبوء بغفلته أن الدمع له عنوان أزلي لا يمحى بالكلمات الجوفاء ولا يقفز فوق الأصداء نسيت تفاصيل الأحلام ولم أدرك أن الصمت جميل إلا حين تكلم دمعي.. أفصح عن سري المكنون وكانت أسقامي تزحف نحو القمة أدركت بأني كنت وحيدا أسبح ضد التيار المتماوج أعزف لحنا همجيا لا يسمعه الخلق لا بأس إذا غيرت مكاني أو غيرت زماني.. فالموبوء بغفلته لن يعرف عنواني
(2) يسأل عن ضحكته الأولى تداعت جدران الصمت تولدت الأحزان من الأحزان وما زال الطفل حزينا ينظر نحو الأشياء بعين يملؤها السخط ويمحوها النسيان لا شيء تغير في قريتنا الأشجار كما كانت والظل يمزقه الظل هل مر الليل علينا؟ هل مر الصبح؟ أكاد أرى شيئا آخر حول مسيرة هذا الطفل الأخرس نحو خرائبه الأولى لا يبدو أن الحزن بعيد عن شكل حقيبته عن وهم حقيقته عن صورته المثلى تستيقظ تلك الأوهام الحبلى في عقل الطفل وينهض من غفوته كالمجنون يسابق صوت الريح ويسأل عن ضحكته الأولى ويسأل عن قبره.. ما عاد يفكر في الصمت ولا شكل النطق تبدل صوت الحلم تبدل موج البحر وأضحى من فرط مدامعه لا يبحث إلا عن يوم مفقود من عمر ضيعه الحزن وضيعه الموت..