يمكن القول -بثقة مطلقة وتامة- إن المباحثات التي تمت بين قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وبين الرئيس الأمريكي في واشنطن يوم أمس الأول كانت ناجحة تماما بكل مقاييس النجاح ومعاييره؛ لأسباب عديدة على رأسها التطابق والتجانس بين الجانبين السعودي والأمريكي حيال معظم قضايا العالم وبؤره المتوترة. ذلك السبب يبدو بارزا في عدة أوجه، فالولايات المتحدة كانت من أولى الدول التي أيدت مشروع السلام السعودي في الشرق الأوسط الذي تحول فيما بعد الى مشروع عربي مشترك، ويقضي بإقامة الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية وفق حدود معترف بها، ولا يزال هذا المشروع يمثل المخرج الآمن لتسوية القضية الفلسطينية التي تعد من أعقد وأصعب وأطول القضايا السياسية في العالم. من جانب آخر، فإن الرؤى السعودية والأمريكية متطابقة حيال وقف التدخلات الايرانية السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية، فرغم الوصول الى اتفاقات حيال الملف النووي الايراني، فإن الجانبين السعودي والأمريكي يرفضان جملة وتفصيلا ارهاب الدولة الذي تمارسه طهران في سورياوالعراق واليمن وليبيا ومعاضدتها للمنظمات الارهابية كالقاعدة وداعش وحزب الله. ولا شك أن من بين الأمور التي نوقشت في القمة السعودية - الأمريكية مواصلة الاستمرار في دعم العلاقات بين البلدين الصديقين وتجذيرها في شتى مناحي التعاون، لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية، فما بدأه مؤسس كيان المملكة -يرحمه الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ما زال يكمله أشباله من بعده، حتى أضحت العلاقات السعودية - الأمريكية نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الأمم والشعوب. والنجاح المشهود لزيارة خادم الحرمين الشريفين لواشنطن يتبلور في الاتفاق مع الجانب الأمريكي في كيفية حلحلة القضايا المعلقة في منطقة الشرق الأوسط كالقضية السورية، وما يجري في العراق وليبيا، وما يجري في اليمن من حرب لإعادة الشرعية الى هذا البلد الذي نكب بالمليشيات الحوثية وقوات صالح التي ما زالت تراهن على كسر ارادة الشعب اليمني ومنع السلطة الشرعية من العودة إليه. إلى جانب ذلك فإن الرؤى متطابقة بين البلدين الصديقين حيال مكافحة ظاهرة الارهاب أينما وجد وتقليم أظافر الارهابيين حيثما كانوا، وقد ذاق البلدان مثل العديد من دول العالم أصنافا وألوانا من الممارسات الارهابية الشنيعة، فكان لزاما على الرياضوواشنطن وكافة عواصم العالم أن تشن حربها الضروس على الارهاب والارهابيين، وما زالت الحرب قائمة من قبل كافة دول العالم لاحتواء الارهاب والقضاء عليه. ولا شك أن تعزيز سبل التنسيق السعودي الأمريكي في المجال الاقتصادي تحديدا أدى الى بلورة أدوار هامة وحيوية لدعم استقرار الاقتصاد العالمي على الآماد القصيرة والطويلة، فالبلدان يمثلان بأثقالهما الاقتصادية ركيزة هامة من ركائز الاستقرار الاقتصادي في العالم، وقد أدى ذلك التنسيق بالفعل الى الاستقرار في الأسواق العالمية، وأدى الى كبح جماح الأزمات النفطية التي تظهر بين حين وحين. ولعل من أهم الملفات التي بحثها خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- مع الرئيس الأمريكي هو الملف الايراني؛ بحكم أن ايران أضحت تمثل خطرا محدقا بدول الشرق الأوسط؛ نظير تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية لتلك الدول، ولا بد من كبح جماح حكام طهران ووقفهم عند حدودهم بوقف تدخلاتهم ووقف ممارساتهم الارهابية داخل تلك الدول المثقلة ببؤر نزاع لا بد من العمل على عدم تأجيجها واطالة أمدها. وتبدو تلك التدخلات الايرانية السافرة واضحة في كل بؤر النزاع في المنطقة، بل حتى في الدول المحافظة على استمرارية استقرارها وأمنها، فإيران دائمة التدخل في كل الشؤون الداخلية للدول العربية في محاولة يائسة للعبث بأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، فدعمها المستمر للقاعدة وداعش والمليشيات الحوثية وقوات صالح وحزب الله في لبنان تمثل في مجملها ارهاب دولة تمارسه طهران في السر والعلن.