كم هي كثيرة تلك المؤامرات التي تحاك ضد هذا البلد الآمن المستقر، الموغل أهله في حب الخير، ونصرة المظلوم، والمولع بالكرم ونجدة الملهوف، والمسارع إلى مساعدة الشقيق والصديق عند الحاجة، ولعل هذا هو ما يوغر صدور الأعداء، حسدا وحقدا، وهم الذين يعيشون أزماتهم الطاحنة، ومشاكلهم الشرسة، ويدفعون بشعوبهم إلى حالة يرثى لها من البؤس، ويوصلون بلادهم إلى فقدان أبسط مظاهر التقدم أو علامات الازدهار، أو واحات الأمن والاستقرار، ويوهمون أنفسهم أنهم حققوا ما لم يحققه الأولون ولن يحققه الآخرون في جميع المجالات، وهم يعرفون قبل غيرهم أن ما حققوه لا يخرج عن التآمر على جيرانهم، وخلق بؤر الإرهاب في بلاد استغلوا حاجتها ووظفوا أبناءها لتحقيق مآربهم، وزرعوا وكلاء لهم في كل مكان ليحاربوا نيابة عنهم، بعد توفير المناخات والوسائل والمعدات والعملاء للقيام بمهماتهم الإرهابية القذرة، وظنوا أن هذا الوطن لقمة سائغة يمكن النيل من مكاسبه، والفت في عضد أبنائه، وقد خابت ظنونهم، فما من يد تمتد للإساءة لهذا الوطن، إلا وكان مآلها البتر، وما من سهام وجهت لأبناء هذا الوطن إلا وكان مصيرها الارتداد إلى نحور مرتكبيها، وما من محاولات للنيل من وحدتها الوطنية، إلا وكانت نهايتها الفشل الذريع، وما من خطوة يخطوها الأعداء للإساءة لإنجازات ومكاسب الوطن والمواطن، إلا وأصيبت بالخيبة وكللت بالعار، وتوج مرتكبوها بالخزي. هذه البلاد ظلت وستبقى على الدوام عصية على أعدائها، والأولى أن يلتفوا إلى شعوبهم، ويعالجوا شئون بلادهم، ويؤسسوا علاقات مع جيرانهم مبنية على الاحترام وتبادل المصالح المشترك، وعدم التدخل في شؤون الغير، أما الشعارات البراقة والخادعة، فلم يعد لها أثر في عالم اليوم، بعد أن وعت الشعوب حقائق غيبتها الأوهام، وحيدتها الأطماع، لتنتهي عصور الهيمنة والاستدمار، واغتصاب ثروات الشعوب واحتلال أراضيها، فلا تصدير الثورات يجدي، ولا زرع العملاء في الخارج يأتي بنتيجة فعالة، ولا تكوين الأحزاب الموالية يثمر شرفا أو هيبة، وهذه الممارسات لم تعد مقبولة في نظر العالم، إلا عند من يعيشون في عصور الضلال الفكري، والظلام الثقافي والانحراف المذهبي، وهذه عقليات عفى عليها الزمن، ولم تعد قابلة للتعايش مع الدول المحبة للسلام، والمؤمنة بدورها الإيجابي في صنع الامن الإقليمي والسلام والعالمي، في عصر لم يعد يقبل بغير الاستقرار لجميع الشعوب، والانتصار لكل قيم الحق والعدل والمحبة بين بني البشر، بعيدا عن النزعات العدوانية المغرقة في أوهام العودة لامبراطوريات وأساطير حكم عليها الإسلام بالفناء، ومحا أثرها من الوجود، لتبقى مجرد أوهام في عقول مريضة، ونفوس أمارة بالسوء، مؤمنة بالطغيان ومولعة بالعدوان، ومتخمة بالأحقاد، ومتورمة لحد الانفجار بكل شر وخبث وحسد. هذا الوطن الغالي العزيز على قلوب أبنائه، سيظل حصنا منيعا، وسدا عصيا في وجه أعدائه، مهما تفننوا في ابتكار مؤامراتهم، ومهما أوغلوا في صنع أحلامهم، فما هي إلا هباء تذروه الرياح، حين الصدق مع النفس في لحظة الفداء، وعلى المعتدي تدور الدوائر، فكل مواطن سيقدم روحه على راحته، وفاء لهذا الوطن، ودفاعا عن كرامته، لا فرق في ذلك بين الجنود البواسل على الحدود، وبناة النهضة في الداخل، فكل مواطن هو على ثغر من ثغور الجهاد، يفدون الوطن بالنفس والنفيس. حماك الله يا وطني آمنا مستقرا.. دار عز ومهابة، وواحة خير وعطاء، بيدك غصن السلام، وبالأخرى سيف الحق تزرعه في صدور الأعداء، ليكونوا عبرة لكل ذي عقل وبصيرة.