أكثر ما يعبث بالأجواء هو الضجيج، وأكثر ما يؤثر على ثبات الإنسان هو الصخب، وتكاد أي جعجعات تحدث هنا أو هناك تملأ فراغات الإزعاج في كل المساحات ليبرز التوتر يغطي بشاله ملامح التشتت، وتضطرب نبضات الحدث فيبدأ صراخ هناك، فتسقط الأمنيات. الهدوء هو الحل، نعم فهناك ما يسمى بلعبة الهدوء، المهم من يجيدها حقا، لا يكتفى باللعب في الميدان، ولا يستغنى بالتكتيكات الفنية، ولا بركض اللاعبين في الاتجاهات، حتى الألسن لها لعبتها، فكم وصفنا أحدهم بأنه متحدث، رزين، هادئ الطبع، مثير الفكر، يطرح بعقلانية، ويتكلم برشد، كل ذلك بسبب الهدوء، لأن من يخرج إلى الضجيج سوف يدخل في متاهات الجدل والإزعاج المتواصل، حين فاز النصر في الموسم ما قبل الماضي كانت «لعبة الهدوء» هي أحد العوامل والأسباب التي ساهمت في تحقيق فاعلية رائعة في الإدارة وعند الفريق، حيث تمّ التركيز على العمل أكثر من الكلام، وتعزيز الأفعال أكثر من الأقوال، وقلت مشاهد الاستثارة والإثارة في كل لقاء، وخفت سخونة ردود الأفعال، وقلت الأخطاء، وانكمشت المخالفات، وتفرغ الجميع فقط للوصول إلى الهدف، وتحقيق المرجو فكان ذلك مع الأسباب الأخرى بعد توفيق الله، وبعد أن تعرض الهلال لهزات مختلفة العام الماضي وكان قبلها من الصخب ما يصم الآذان، فاستقال الرئيس وأتى بعده رئيس مؤقت فكانت خطته «لعبة الهدوء» مهما حدث، فكان صمته الرشيد، وهدوء إدارته، وسكون أجوائه فكان التعافي سريعا، والانجاز قريبا، هي كذلك من لا يتقن لعبة الهدوء سوف يخسر داخل وخارج الميدان لأن الضجيج لا ينتج إلا إثارات بسيطة، ومن لا يتقنها سوف يعاني من توتره ومن الضغوط عليه فيكون مطالبا كل مرة بأن يرفع صوته ويقول ويحكي ويتشكى ويتذمر، فلا تجد لهذا النادي، أو ذلك أي حالة ثبات لأنه منشغل بعواصفه الإعلامية المتفرقة. الموسم الرياضي ننشغل فيه بصراخ وإزعاج إعلامي و»تواصلي» أكثر من الحراك الرياضي الحقيقي الذي كان مفروضا أن نستمتع به كلعبة، وأداء، وفنون، ومهارات، وحتى نقد، ومشكلات، ولعل البعض اعتاد على أصوات الاثارة، وتصاريح الاستثارة. ختام القول: على الأندية ان تمارس لعبة وتكنينك الهدوء قبل أي محطات رياضية مهمة وتبتعد عن فلسفة «قابل الصوت بالصوت تسلم» فالانزعاج والصخب لا يأتيان إلا بقرارات خاطئة، أو عقوبات معلبة لا تفيد سير الفريق، وسوف تنعكس سلبا على منظومته فيحدث السقوط.