هل أنت شخص تستحق الاحترام؟ هل تحظى بقبول جيد عند الآخرين؟، هل تعتقد بأنك شخص لطيف ومهذب في تعاملك مع المحيطين بك؟. إذا كانت لديك إجابة سريعة ومباشرة بنعم عن هذه التساؤلات فهو أمر جيد لكن أتمنى أن لا يكون سبب ذلك «الثقة العمياء» في نفسك.. فعادة الأشخاص الواثقين بأنفسهم بمقدار عال جدا لا يتناسب مع مؤهلاتهم الأخلاقية والفكرية وقدراتهم العقلية؛ هم أشخاص مزعجون، غير لطيفين، لا يحظون بقبول لدى الآخر، غير مرحب بوجودهم في أي مكان ولا نقاش.. والمؤسف أنهم لا يدركون مشكلتهم ولا حجم النفور الذي يحدثونه في الآخرين، وحتى عندما يشعرون في أندر الاحوال بذلك فإنهم يعزونه لأسباب أخرى لا علاقة لهم بها!! إذا كنت تشعر بأنك مثقف وذكي وجميل ولطيف وأنت على العكس من ذلك فأنت في مشكلة اجتماعية، وإذا كنت ترى ذلك لوحدك بقناعة تامة ولا تبالي برأي الآخرين فأنت في «ورطة نفسية وعقلية» تحتاج لحل فعال لانتشالك منها.. أعتقد أننا نعاني أزمة في مفهوم الجمال، فما زال يختزل في مظاهر الجسد والهندام، ولم يرتق بعد الى الأخلاق ومهارات الذوق والحديث مع الآخرين والتلطف معهم إلا في «مثالياتنا النظرية والكلامية». إن الاهتمام بهذه الجماليات النبيلة منخفض جدا، وذلك لأن هناك أولويات تطغى عليه، فقيمة المرأة وجمالها تم اختزالهما في منظرها وقيمة الرجل تنحصر في منصبه الوظيفي ومقدار ما يملكه من مقومات على وزنها.. لذلك نجد المرأة مشغولة بتنمية أهم قيمة لها وهي «مظهرها» وتقاسيم جسدها، وتحمل هما كبيرا في ذلك قد يوصلها أحيانا إلى حالة مرضية تسمى «سوسة التجميل» وكذلك الرجل مهتم بتحسين التفاصيل التي ترتكز عليها قيمته العامة.. طبعا لكل قاعدة شواذ ولا يمكننا التعميم، لكن النسبة الأكبر في مجتمعنا وأمام أعيننا تعاني هذه الأزمة ولكن بدرجات متفاوتة، ولو كان الأمر خلاف ذلك (أي الاهتمام بأنواع الجمال الأخلاقي) لرأينا كيف يمكن أن ينكب الناس على تحسين وتجميل أخلاقهم ولتنافست المعاهد المتخصصة في التدريب على اتيكيت الحوار، واللبس، وطريقة الأكل، وطريقة الجلوس وإلقاء التحية والسلام في المناسبات المختلفة.. وغيرها من أنواع الجمال الإنساني والأخلاقي، ولتنافست الأمهات في تعليم أبنائهن ذلك.. إنما لن يحدث هذا وعموم الفتيات تتم خطبتهن وتقييمهن من خلال نظرة واحدة تتفحص مظهرهن الخارجي.. والشاب يتم تقييمه من خلال معطيات معينة لا تأتي معها قيمة الأخلاق والاتيكيت وحسن الحديث والحوار الا في اسفل الاهتمامات. هذه المعطيات هي ما أفرزت الجلافة والحدة وقلة الذوق عند فئة من الناس، فئة لا تعرف ما الفرق بين الصراحة والوقاحة وتعتبر طول اللسان شطارة لأخذ الحق وفرض الاحترام!! وذلك لأن تعييب هذا النوع من السلوك المتدني ليس قاسيا ولم يمارس ضده ضبط اجتماعي قاس. لمن أراد أن يهتم بجماله عليه أن يدرك أن أكثر من نصف جماله يعتمد على لباقته في الحديث وحسن انتقائه لكلماته، وتواضع هندامه.. لا يغرك انتكاسة ذائقة الناس في فهمهم للجمال وقيمة الإنسان، عليك أن تكون جميلا، حتى لو قدر عليك أن تحيا في زمن لا يفهم ناسه قيمة هذا النوع من الجمال.. كن جميلا ولو كره القبيحون.