قد يعمل إعادة تنظيم جوجل على شكل تكتل يدعى (ألفابيت) على توفير شفافية أكبر للمساهمين القلقين بشأن إنفاق جوجل المتزايد على ما يسمى بالمشاريع المغرقة في الخيال. ويُظهر أيضا مدى تصميم مؤسسي شركة جوجل، لاري بيج وسيرجي برين، على النأي بأنفسهما عن الأعمال الأساسية تماما في الوقت الذي يتعرض فيه نموذج أعمال جوجل للتحدي، الأمر الذي يعتبر أقل تشجيعا. من خلال عملية قانونية معقدة، ألفابيت سوف تصبح مالكا لجميع أسهم جوجل وسوف تحل محلها في مؤشر ناسداك لاحقا في هذا العام، محافظة على رموز مؤشر الأسهم GOOG و GOOGL. سوف تمثل الشركة التي تظهر مجموعة من الفئران الراقصة فرحا وفيل واحد متضخم. في بيانه الصحفي، لم يسم بيج جميع الشركات التابعة التي سوف تتألف منها شركته الجديدة ألفابيت ذات الأحرف المتعددة، لكن على سبيل المثال: الحرف C سي سوف يمثل (كاليكو)، والتي تعمل على توسيع مدى الحياة البشرية، والحرف L إل يمثل علوم الحياة (عدسات الاتصال التي تستطيع استشعار الجلوكوز)، والحرف X إكس يمثل مختبرات إكس (وهي مشاريع مستقبلية مثل التوصيل باستخدام الطائرات بدون طيار)، والحرف V في يمثل المشاريع (الاستثمار في الشركات الناشئة)، والحرف C سي يمثل رأس المال، ذراع أخرى للاستثمار. لكن لحظة لو سمحت. ألم يكن لدينا فعلا حرف سي؟ أما حرف G جي فيمثل بشكل صريح جوجل- بحسب ما يقول السطر الأول من البيان الصحفي. سوف تشتمل جوجل على جميع خدمات جوجل الناضجة نسبيا، مثل يوتيوب، الخرائط، ونظام الأندرويد لتشغيل الهواتف المحمولة. وسوف يكون مسؤولا أيضا عمليا عن كافة إيرادات وأرباح شركة ألفابيت (الحروف الأخرى في الاسم هي بالدرجة الأولى خاسرة، ولهذا السبب هنالك حاجة للمزيد من الشفافية). تبلغ جوجل عن حوالي 2.5 مليار دولار، وأحياناً أكثر، من النفقات الرأسمالية وحوالي 2.7 مليار دولار من تكاليف البحوث والتطوير كل فصل. الإبلاغ الذي تقوم به جوجل بخصوص أقسامها الفرعية هو لغاية الآن أولي: مجرد «إعلانات البحث عبر الانترنت» و»التراخيص وغيرها من الإيرادات». بمجرد أن يصبح هذا أكثر تفصيلا، قد يحصل المساهمون على لمحة عن كيفية تقسيم الاستثمارات فيما بين المشاريع، وهذه فرصة نادرة أنا على ثقة من أن السوق سترغب في أن يقدمها لها موقع أمازون. لكن في حالة شركة جوجل، قد لا تكون الرؤية ذات قيمة خاصة، نظرا لإطار الشركة المعروف (70:20:10). يذهب 70% من استثماراتها إلى الأعمال التجارية الأساسية، و20% تذهب إلى المجالات المجاورة (معظمها أعمال السحابة الإلكترونية) و10% للابتكارات طويلة المدى، مثل مشاريع علوم الحياة. وهذا الأخير سوف يتم تقسيمه إلى أجزاء منفصلة ضمن شركة ألفابيت، وتلك سوف تلقى الكثير من الاهتمام. وهذا، على أية حال، هو مجرد تشتيت عما هو ربما الجزء الأهم من إعلان إعادة الهيكلة: لن يستمر بيج وبرين في إدارة وتشغيل الأعمال الأساسية لشركة جوجل. حيث إنهما أكثر اهتماما في تخصيص الأموال ما بين المشاريع الجانبية، وفي البحث عن الشيء الجديد. أما جوجل الأساسية فهي الآن في أيدي سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي الجديد لها. هذا قد لا يكون اللحظة الأفضل لقيام المؤسسين بالتخلي عن تلك الأعمال لشخص آخر. خلال الفصل الثاني من عام 2015، كان مصدر 90% من إيرادات جوجل البالغة قيمتها 17.7 مليار دولار هو الإعلانات عبر محركات البحث. لا تزال الإيرادات تبدو بأنها تنمو بقوة - بنسبة 18.9% في عام 2014 وبنسبة 14% خلال الشهور الإثني عشر الماضية - لكن الإعلانات عبر الانترنت تواجه اثنين من التهديدات الخطيرة: برامج حجب الإعلانات والتعرض لعملية احتيال. وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن (بيج فير)، وهي شركة تساعد المعلنين في التكيف مع برامج حجب الإعلانات المنتشرة على نطاق واسع، يستخدم 198 مليون شخص بشكل نشط البرامج التي تحجب الإعلانات، ما يكلف الناشرين 22 مليار دولار، هذا العام. ينتشر الحجب ويتزايد بشكل أسرع بكثير من إيرادات شركة جوجل، وسوف يشكل قريبا تهديدا رئيسيا. حتى الآن، تدفع جوجل للحصول على القائمة البيضاء لمنتج برمجيات الحظر الشائعة (آد بلوك بلاس)، ما يعني أن الناس الذين لا يغلقون تلك القائمة، هم أيضا يرون إعلاناتها. لكن هذا ليس هو الترياق الشافي لكل مشاكل حجب الإعلانات: كل ما يريده معظم مستخدمي مثل هذه البرامج هو عدم رؤية أي إعلانات. فاعلية الإعلان عبر الانترنت آخذة بالتقلص باستمرار: حيث إن معدلات التصفح آخذة في الانخفاض ومعايير الصناعة لقابلية المشاهدة - التي تحدد فيما إذا تمت مشاهدة هذا الإعلان - هي معايير متساهلة بشكل يبعث على السخرية. يعتبر مجلس تصنيف وسائل الإعلام أن إعلانا معينا يمكن مشاهدته إذا كانت 50% من نقاط شاشته منظورة للمتصفح لمدة ثانية واحدة على الأقل، أما بالنسبة للفيديو، فإن المعيار هو 50% لثانيتين. بالنسبة للدماغ البشري، هذا لا يعد وقتا طويلا على الإطلاق. قد تتفاخر جوجل بنموها القوي في إعلانات الفيديو عبر اليوتيوب (حيث ازداد عدد المعلنين المستخدمين لهذه الوسيلة بنسبة 40% سنويا خلال الفصل الثاني، بحسب ما تقول روث بورات، كبيرة المسؤولين الماليين)، لكن الناس لا تشاهد حقا تلك الإعلانات. بل إنهم ينتطرون ظهور نقرة «تخطي الإعلان» للخروج متى استوفى الشرط الرسمي اللازم للمشاهدة. بالإضافة إلى ذلك، الكثير من الإعلانات يشاهدها فقط الروبوتات. يشعر المعلنون الكبار بالقلق. على سبيل المثال، لن تشتري شركة (كيلوج) إعلانات على اليوتيوب لأن جوجل لن تسمح لشركات الطرف الثالث بالتحقق من إمكانية المشاهدة هناك. تبدي كثير من الشركات شكوكها- وفي بعض الأحيان تعرف من خلال تجربتها - بأنها تتعرض للغش. وهذا أمر طبيعي: هنالك انفصال كبير بين ما يتم بيعه لهم وخبرة المدراء التنفيذيين الإعلانية أنفسهم كمستهلكين، والتي تتألف من تجاهل الإعلانات أو النقر عليها بإبعادها بعيدا في أول فرصة. إن الاستهداف، الذي تسوقه شركات الانترنت على أنها ميزة لها تميزها عن وسائل الإعلام التقليدية، هو أيضا أمر خادع: حيث إن البيانات التي تم جمعها من الناس من قبل الشركات مثل جوجل هي بيانات ظرفية جدا، وغالبا ليس لها صلة على نحو يجعلها بلا فائدة.