بين فترة وأخرى يطفو على السطح موضوع السماح لصالات السينما بالعمل في المملكة العربية السعودية، وبين مؤيد ومعارض لها يظل هذا النشاط من أبرز عوامل الجذب للسعوديين على وجه الخصوص بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم الفكرية والذين ينفقون ملايين الريالات سنوياً لمشاهدة الأفلام سواء في صالات العرض السينمائي في دول الخليج المجاورة أو حتى من خلال بدائل متوفرة محلياً عبر اشتراكهم في القنوات التي تعرض أحدث ما توصلت له هذه الصناعة في العالم وفي قعر بيوتهم أو في الفنادق والمقاهي الفخمة بالمملكة. ولكن تظل صالات السينما التقليدية تحتفظ ببريق خاص لا ينازعه أحد من وسائل العرض البديلة. ظهرت السينما في أوائل القرن الميلادي المنصرم وكانت في بداية الأمر تعرض أفلاما باللونين الأبيض والأسود دون تسجيل لحوارات الممثلين، ثم تطورت شيئاً فشيئا حتى أصبحت كما نراه اليوم تعرض أفلاماً متطورة تكنولوجياً تحاكي أقصى ما وصل إليه الإنسان من خيال، كانت السينما وما زالت وسيلة من وسائل الترفيه التي يجتمع أفراد العائلة بمختلف أعمارهم أو الأصدقاء في ممارستها وغدت صناعة مهمة تدر مليارات الدولارات سنوياً لصناعها. ولم نستطع مقاطعتها بالشكل الكامل حتى في ظل غياب صالات العرض بل على العكس من ذلك، وأصبحنا من أكثر الشعوب شوقاً ومتابعة لها. السينما حالها حال مختلف الفنون، فهي تؤرخ لفترة من حياة الشعوب وتقدم رسالة راقية إذا ما أحسن استخدامها تفوق في تأثيرها آلاف المقالات والخطب والمناهج التعليمية وتعمد الحكومات في مختلف دول العالم إلى تمرير رسائل سياسية واجتماعية واقتصادية أو حتى دينية في بعض الأحيان لشعوبها ولشعوب العالم المختلفة عن رؤيتها وتصورها لتلك المواضيع وتنجح بعض الدول في إدارة ملفات شائكة عبر الأفلام السينمائية وإن جزئياً. يبرر البعض رفضه للسينما بمبررات عديدة، فهناك من يقول إنها باب من أبواب الاختلاط بين الرجال والنساء وقائل آخر يعتقد بعدم ملاءمة ما يعرض فيها من مشاهد قد لا تتناسب وعادات المجتمع السعودي المحافظ. ولن يحتاج الأمر كثيراً من الجهد للرد على المبررات هذه بسبب أن المجتمع فعلياً تجاوزها ولأن المجتمعات في العادة هي من يبحث عن الحلول الملائمة لها لتجاوز تصادمات الجديد القادم إليها مع ما تعتنقه من قناعات ودون انتظار أحد يملي عليها ما يناسبها وما لا يناسبها. من منظور اقتصادي اجتماعي بحت أعتقد أن الوقت الآن ملائم جداً للتفكير في دور العرض وبالحيثية التي تناسب المجتمع وتتفق مع عاداته خصوصاً إذا عرفنا أن غالبية التركيبة السكانية لشعب المملكة تتألف من فئة الشباب، الذي ومن المهم توفير عناصر تسلية وترفيه لهم بالحد الذي يتطلعون إليه والسينما أحد تلك العناصر المهمة، بل الفنون بأجمعها مهمة في تهذيب السلوك الإنساني وخصوصاً في أوج تطوره في مرحلة المراهقة والشباب. نحتاج إلى ممارسة الحياة بشكل متوازن تحتل فيه الدنيا مساحة معقولة كما يحتلها الدين ونحن نرى كيف أن الإسراف في أحد الجانبين يفضي إلى التطرف والغلو. السينما ليست الحل الوحيد لمشاكلنا كما سيقول البعض بعد قراءة هذا المقال وغيابها ليس نهاية الدنيا، هي أمر واقع وموجود في داخل بيوتنا بقي علينا الاعتراف به وممارسته في العلن دون حرج. معلومة اجتماعية: في العام الماضي 2014 عبر جسر الملك فهد أكثر من 20 مليون مسافر بمعدل 60 ألف مسافر يومياً.