تحدث الكثيرون عن المتقاعدين، وتناولت الأقلام أحوالهم وضيق العيش الذي يعانون منه في هذا البلد المعطاء، بعد أن أمضوا عمراً في خدمة بلادهم ومجتمعهم، ولأنهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع - حيث تؤكد المؤشرات الإحصائية أن أعداد المتقاعدين ستبلغ في منطقة الخليج العربي في العام 2025م نحو 25% من السكان - فإن الموضوع له أهميته التي أرى التطرق اليها بنوع من التفصيل، وقبل ذلك أود أن اشكر معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور ماجد القصبي الذي رحب بمقترحات عضو الجمعية العمومية للمتقاعدين الفريق متقاعد عبدالعزيز هنيدي، ووعد بتبنيها خلال شهرين من تاريخ 11 رمضان 1436 ه، والتي كان من أبرزها (أن لا يقل راتب المتقاعد عن 4000 ريال، مع علاوة سنوية بمعدل 10%، إضافة إلى التأمين الطبي الذي يشمل الدواء، وكذلك تخفيض بنسبة 50% للمتقاعدين على النقل البري، والنقل الجوي، والكهرباء، والغاز، والرسوم الحكومية التي تتعلق بالجوازات من التأشيرات والإقامات وغيرها). هذه المقترحات التي قدمت للوزير تناولت بعض مشاكل المتقاعدين، وسأعرض هنا البعض الآخر من تلك المشكلات، وسأتناول بعض الحلول التي آمل أن تكون عوناً للجهات المعنية، ومن أهم تلك المشاكل أنه لا توجد استراتيجية بمؤشرات محددة لتفعيل دورالمتقاعدين، كما لا توجد جهات متخصصة تقوم بالاهتمام بهم وباستقطابهم والاستفادة من خبراتهم، لذا أهملت تلك الخبرات الكبيرة التي حصل عليها المتقاعدون ولم يستفد منها الوطن بعد التقاعد، كما أن البطاقة التعريفية الخاصة بالمتقاعدين لا فائدة منها في التخفيضات في المراكز التجارية والفنادق والمستشفيات أو في وسائل النقل والنوادي الرياضية والترفيهية. تلك كانت بعض المشاكل، وأعرض هنا بعض الحلول المقترحة، والتي منها وضع استراتيجية وخطط محددة لتفعيل دور المتقاعدين وإيجاد جهات متخصصة هدفها الاهتمام بالمتقاعدين واستقطابهم والاستفادة من خبراتهم، وإصدار التشريعات الخاصة بالحفاظ على حقوقهم، والتقييم المستمر لمعاشات المتقاعدين المترهلة ودراسة امكانية رفعها وزيادتها سنوياً، وإنشاء برنامج لمساعدة المتقاعدين (مادياً) لا علاقة له بنظام المعاشات، والعمل على توفير الرعاية الصحية المجانية أو المخفضة، وتفعيل بطاقة المتقاعد بحيث تكون لها فائدتها واهميتها في القطاعين الخاص والعام، والاستفادة من خبرات المتقاعدين كمستشارين في القطاعين العام والخاص، وكذلك في الجامعات أو في المراحل الثانوية، لينقلوا تجاربهم العلمية والمهنية والحياتية للجيل الجديد، والعمل على اعداد برنامج المسكن الملائم للمتقاعد، وتعديل الأنظمة لتتمكن من فتح الفرصة للمتقاعد الراغب في العمل مرة أخرى مع استمرار حصوله على الراتب التقاعدي، وإنشاء الأندية الرياضية والترفيهية ودور الضيافة للمتقاعدين في كافة المدن، وتفعيل النصوص والتشريعات العربية التي وضعت الاهتمام بالمتقاعدين ضمن أولوياتها، مثل ما نصت عليه المادة الحادية عشرة من المبادئ العامة للسياسة العربية الخليجية المشتركة التي اعتمدها مجلس وزاراء العمل والشؤون الاجتماعية بدورته السادسة عشرة المنعقدة في أكتوبر عام 1999، والتي نصت على: (تصميم برنامج وطني لتشجيع الشيخوخة المنتجة، يعمل على توفير الفرص والمشروعات الفردية التي تدعمها المؤسسات لمصلحة المسنين، كما تشتمل تلك الأنشطة على تطوير حياة وظيفية ثانية لهم وإيجاد الوظائف على أساس عدم التفرغ التام، ومنها العمل كمدربين ومدرسين ومتطوعين). كما يمكن الاستفادة من أنظمة التقاعد في الدول المتقدمة التي سبقتنا في سن الأنظمة وابتكار البرامج المبدعة كالتجربة الألمانية التي أسست (هيئة الخبراء المتقاعدين الألمان) في مدينة بون، وتضم أكثر من 5000 خبير ألماني من المتقاعدين يعملون للصالح العام، أو محاكاة التجربة اليابانية التي أسست (جامعة المتقاعد) والتي من شروط القبول فيها أن يكون الشخص قد تجاوز سن الستين عامًا. مدير مراكز «اسكب» للاستشارات الأمنية والعلاقات العامة