التطور الاجتماعي ومدنية المجتمع يقاسان بالأداء السلوكي الذي يقدم به الفرد شخصيته وذاته التي تتعامل مع الآخرين، سواء داخل مجتمعه أو خارجه، وهي حالة طردية كلما ارتقى السلوك نجحنا في تقديم أنفسنا كمميزين حضاريا وثقافيا وفكريا واجتماعيا، والعكس صحيح، ولا يوجد مجتمع من مجتمعات العالم يتجه بتقديم نفسه بصورة متواضعة، بل هناك تنافس مجتمعي لتقديم أزهى صورة إنسانية اعتمادا على الموروثات الاجتماعية الأصيلة وما تمتزج به عوامل عصرية تواكب التغيرات بحيث تأخذ الأفضل منها. في هذا السياق أجد أن دورا مؤسسيا مثل الذي تضطلع به الجمعية السعودية للذوق العام من الأدوار الرائدة التي تقفز في مسار سلوكي متقدم، يسهم في وضع المجتمع في نطاق متميز مع التطورات الاجتماعية الدولية في عصر يعرف بالعولمة، فهي عملية إغراق ثقافي تحتمل كثيرا من المتغيرات الثقافية التي تنعكس على السلوك، ودون غطاء كثيف من المؤسسات الاجتماعية فمن المؤكد أن يحدث انكشاف سلوكي يجعل القيم الاجتماعية في مهب الريح. من أهم وأبرز أهداف الجمعية سعيها للإسهام في مد جسور التواصل بين المؤسسات لتحقيق التكاملية لإبراز أهمية الذوق العام في خدمة المجتمع، وذلك أمر حيوي وضروري يتم من خلال هدف تفصيلي يعنى بتوسيع المشاركة المجتمعية، وبالتالي التعاطي مع برمجة اجتماعية تستوعب أفراد المجتمع لتطوير فكرة الذوق لديهم واكتساب مقومات مانعة للإضرار بأدائهم الشخصي الإيجابي، ودافعة ومحفزة لتقديم الأفضل في معاملاتهم ورقّة تواصلهم مع الآخرين. ابتكرت الجمعية لتحقيق هذا الهدف برنامج علاقات، وهو كفيل بتفعيل عملية التواصل المجتمعي بصورة أكثر ترابطا بحيث يؤثر الأعضاء في بعضهم بصورة إيجابية، وتبادل آرائهم وخبراتهم السلوكية وفي معاملاتهم بصورة تدفعهم لتشجيع بعضهم على أداء أفضل، والتعامل بصورة نقدية موضوعية مع أوجه القصور الذاتي التي تتطلب مراجعات للتحول الى الأحسن والأكثر تميزا، واستنهاض القيم النبيلة الكامنة داخل كل منا. من المهم أن يلتقي الجميع في سياق ذوقي رفيع يعبّر عن المجتمع بكامل وعيه الثقافي والحضاري الذي يتمايز به عن غيره، فنحن في زيارتنا لبعض البلدان لأغراض السياحة نلمس صورة إنسانية رفيعة تتعامل مع الأجانب، ما يعكس جمالا إنسانيا واجتماعيا مميزا لهذا البلد أو ذاك، وحتى إذا كانت تلك الصورة مصطنعة فإنها من الأهمية بما يمكن أن تصبح جزءا من سلوك الشخص من خلال استمراره على أداء إيجابي مع الآخرين، ولذلك اعتقد أن جمعية الذوق العام جهد يستحق التأمل والدعم والتشجيع والمثابرة... ونواصل.