فرضت المشروعات الصغيرة والمتوسطة نفسها كحل لأحد أكبر الإشكاليات المعاصرة التي تواجه الدول العربية والمتمثلة بالبطالة لما لهذه المشروعات من دور في توسيع القاعدة الانتاجية والتوظيف الأمثل للطاقات الشابة. وأيقنت دولة الكويت في وقت مبكر أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة سواء على المستوى العربي أو المحلي وقدمت مبادرات في هذين المجالين إذ أعلن سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في يناير 2009 في القمة الاقتصادية التنموية الأولى التي عقدت في الكويت عن مبادرته الكريمة باقامة صندوق الحياة الكريمة أو ما يسمى بصندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة على مستوى الوطن العربي والذي ساهمت الكويت فيه بمبلغ 500 مليون دولار لتفعيل هو انطلاقه. وعلى الصعيد المحلي انشات الكويت الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفق القانون رقم (98 لسنة 2013) برأسم القدره مليارا دينار كويتي ،وذلك بعد انشاء وتأسيس العديد من الصناديق لدعم هذه المشروعات والتي لاقت في بعضها النجاح فيما لم يكتب هذا النجاح لبعضها الاخر حيث تعود بدايات انشاء مثل هذه الصناديق في الكويت إلى تسعينات القرن الماضي. ويقدم الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة خدماته وفق عدد من الشروط أهمها أن يكون صاحب المشروع كويتي ألا يقل عمره عن 21 عاما وأن يكون حسن السيرة والسمعة وأن يتفرغ تفرغا كاملاً لإدارة المشروع وألا تتجاوز تكلفة تأسيس المشروع وفق الدراسة الجدوى الاقتصادية وخطة العمل ودون حساب قيمة الأرض المقام عليها وقيمة التمويل والأصول العينية القائمة مبلغ 500 ألف دينار كويتي. وركز الصندوق في شروطه على المشروعات التي تكون أكثر تحقيقا للقيمة المضافة وتنمية الاقتصاد الوطني وتنويع المصادر الدخل وتوفير الفرص العمل للكويتيين فضلاً عن تركيز الصندوق على بناء بيئة داخلية مشجعة لريادة الأعمال ومبتكرة للمبادرين وأصحاب الأعمال لتكون قاعدة أساسية تحقق مزيدا من الفرص الاقتصادية والمنتجة للشباب الكويتي في البلاد خصوصا أن الكويت تتجه لبناء اقتصاد متنوع لا يعتمد بصورة أساسية على العوائد النفطية. وتختلف معايير تصنيف المشروعات الصغيرة والمتوسطة بين دولة وأخرى إذ أن الصندوق حدد هذه المشروعات حسب حجم العمالة الوطنية ورأسمال المشروع. ويعرف المشروع الصغير بأنه المشروع الذي لا يتعدى فيه عدد العاملين الكويتيين أربعة أشخاص ولا يزيد رأسماله عن 250 ألف دينار كويتي أما المشروع المتوسط فيتراوح عدد العاملين الكويتيين فيه بين خمسة و 50 عاملا ورأسماله بين 250 ألفا و 500 ألف دينار. ويوجد معايير أخرى في دول العالم لتصنيف قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة مثل حجم العوائد المالية ومدى مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وهذه المعايير غير مدرجة حاليا على ان يتم اضافتها مستقبلا بناء على تطور هذا القطاع في الكويت. وتختلف تجربة الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن تجار بالكويت السابقة في مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة اذ اعتمدت معظم التجار بالسابقة على محور وحيد هو التمويل الذي يحتاج الى ضمانات وعدم الدخول في مخاطر عالية عند الموافقة على تمويل أي مشروع في حين خول الصندوق أخذ نسبة مخاطر محسوبة بهدف تشجيع وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما يتيح له مرونة أكبر. ولن يكتفي الصندوق بتمويل المبادرين بل سيقوم باحتضانهم وإجراء الدورات التدريبية اللازمة لهم لتطوير قدراتهم ومساعدتهم على وضع خطط العمل للمشروع فضلا عن توفير الدعم اللوجستي لمشروعاتهم وذلك على أمل أن ينتقل الشباب الكويتي من الأفكار المكررة إلى المبادرة بتقديم الأفكار المبتكرة والدخول في ميادين جديدة تساهم بدورها في رفع القيمة المضافة للاقتصاد الوطني. وتعول الكويت كثيراً على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تنويع الاقتصاد الوطني خصوصا أن نمو هذا القطاع على وجه الخصوص وتكامله يعزز دور القطاع الخاص عموما ويساهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف الخطط التنموية التي تضعها البلاد بشكل منتظم منذ عام 2010. ولا تختلف المعوقات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة كثيرا بين الدول العربية ويمكن تلخيصها بالمعوقات التمويلية والمعوقات المتعلقة بتوفير مدخلات الانتاج فضلا عن التسويق ومعوقات البيئة التنظيمية والقانونية واخيرا المعوقات المتعلقة بضعف دور المؤسسات الحكومية المعنية بهذه المنشات. يذكر أن عدد المنشات المسجلة والعاملة في الكويت ارتفع من 40213 منشاة في عام 2002 الى 40861 منشاة في عام 2011 حسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء وذلك بمعدل نمو سنوي يبلغ 18ر0 في المئة تشكل المنشاة العاملة في النشاط التجاري اغلبية هذه المنشات بنسبة تبلغ 57 في المئة يليها المنشات العاملة في نشاط الخدمات غير المالية 4ر24 في المئة ثم المنشات العاملة في الصناعة بنسبة 5ر13 في المئة.