حين ألقى الليل للنور وشاحه وشكا الظل إلى الرمل جراحه يا ترى هل سمع الفجر نواحه بين أنغام النسيم العاطر في ذهول من ضرب فجأة على أم رأسه وأبيه قرأ الناقد ابن نباته الأزرقي هذه الابيات، وكان جمع من مريديه محيطين به احاطة السوار بالمعصم، ونظر اليهم قائلا: هل وصلتم الى ما تعنيه هذه الابيات؟ فأجابوا عن بكرة ابيهم، بل بقضم وقضيضهم: وهل يمكن الوصول الى هذا وهو ادخل خنجرا في خاصرة اللغة العربية؟ فقال لهم وجمر الغضب يتطاير من عينيه: لقد قرأت هذا على شيخنا الحافظ ابو اسماعيل الانباري فزحر زحرة منكرة وقال: ما هذا؟ ورب الكعبة «ان كان هذا شعرا فكلام العرب باطل». ثم اخذ برهة كمن يتذكر او كمن يتنفس الصعداء وقال: لقد رأى شخينا الحافظ يعقوب السهروردي رؤيا كأنها لغرابتها من تلبيس ابليس... وحين قصها على مجلسه الزاخر بذوي الفضل والفضيلة قائلا: سمعت في المنام شاعرا يأتي في آخر الزمان يقول: «كلما أصغيت للحجر استمعت الى هديل يمامة بيضاء تشهق بي: اخي انا اختك الصغرى فاذرف باسمها دمع الكلام» حين سمعت هذا وكان الرقاد جاثما علي بكلكله قمت فزعا كما «العصفور بلله القطر» صارخا: يوسف ايها الصديق من غيرك يستطيع تأويل رؤياي؟ ومن الليالي البيض تلك الليلة التي رأيت فيها يوسف في المنام وبعد أن قبلت يده البيضاء من غير سوء قصصت عليه رؤياي فتبسم قائلا: هذه الابيات لشاعر يأتي آخر الزمان يقال له محمود بن درويش، وهذا مصاب بداء الهرطقة الجمالية وبشق الطرق في البحر.. فلا عليك انك في كامل قواك العقلية وما سمعته انت افضل مما سمعه كعب بن الاحمر: ماذا سمع ايها الصديق: سمع في منامه هاتفا يقول: «حيوانات مغناطيسية دائرة مسرعة في دهليز حليب حامض وقمر مكتمل رأيت حديقة بيضاء تطير» حين سمعت هذا لم أنم بعدها ثلة من الليالي حتى أنهكني المرض. كاتب