الكنوز أنواع كثيرة، وكل نوع منها يحتاج محافظة عليه، وتنمية له، لكن من أهم الكنوز وأغلاها: (أولادنا وبناتنا)، و(فتياننا وفتياتنا). صفة هذا الكنز لا تقتصر على ماديته؛ وإلا لأصبح مثل غيره من الكنوز الثمينة المادية كالذهب والفضة وغيرهما، بل هو يفوق الكنوز بقيمته البشرية، فهو يملك عقلاً وعاطفة وروحاً، ولذا أصبح هو جوهر الحياة وبانيها، وسخر الله له كل شيء، ليعمر كل شيء. السؤال الأهم الآن هذا الكنز البشري، في طفولته وفتوته كيف يحفظ ويعد وينمى؟ وما البرامج التي تصنعه وتطوره وتربيه؟ وخاصة في المساء أثناء الفصلين الدراسيين، وفي اليوم كاملاً أثناء إجازة الصيف؟ يتصل بي كثير من الآباء وألتقي بهم يسألون عن: كيفية العمل مع الأبناء والبنات خاصة في الصيف، وكم من مشكلات أو انحرافات أو إهدار طاقات ظهرت بسبب إهمال استثمار طاقاتهم وملء فراغهم وللإجابة على ذلك، أركز على ثلاث نقاط مهمة: أولاً: أنهم يملكون طاقات عظيمة وأوقاتا كثيرة، فلا بد من التخطيط الجيد المتوازن لاستثمارها، ليعود بالنفع لهم مع المتعة المحببة الحلال لهم، فهم لا يريدون برنامجا قاسيا أو عسكرياً، لكن يجمع لهم بين المتعة والفائدة. ثانياً: لا بد أن نفهم كوالدين ومربين شخصياتهم ونعرف قدراتهم ومواهبهم، لكي نجيد التعامل معهم كشخصيات، فالذكي جداً غير عادي الذكاء، والانفعالي الغضوب غير الهادئ المتأني، كما أن هذا الفهم يساعد على توجيههم لنشاط أو عمل يلبي طموحهم ويتناسب مع قدراتهم وتفعيل مواهبهم، يعجبني أحد الآباء الذي سجل ابنه في برنامج لحفظ القرآن ومراجعته، وأب آخر سجله في دورة لمدة شهر للقراءة، وآخر ألحقه ببرنامج لتقوية لغته، وكذلك من أشركه بمشروع تجاري، كذلك بعض الأمهات تلاحظ ميل ابنتها فتضعها في برنامج يناسب ميولها كبرامج حفظ القرآن، أو دورات الحاسب، أو دورات القراءة والبحث وكتابة القصة والشعر.. الخ، وكم هو جميل أن يتماشى ملء الفراغ مع ميل الابن أو البنت. ثالثاً، لا شك أن الوالدين مشغولان بعشرات الأشغال، ولذا لا يجدون وقتا يفكرون أو يجلسون فربما لا يحسون بالفراغ، لكن الأولاد خاصة في الإجازة يتفاجؤون بكثرة الفراغ وقلة العمل فيعيشون ما بين نوم وأكل وفوضى واستهلاك وسهر؛ فلا بد من التخطيط وتهيئة الأعمال والبرامج لهم، والاهتمام مشترك بين الوالدين ومراكز الأحياء، والنوادي الصيفية وتنظيم الدورات والأعمال التي تهيئها الشركات، فإذا تم ذلك استثمرنا آلاف الساعات لهم ومئات الأيام، وحفظناهم، واكسبناهم خبرات وتجارب، خاصة وأن مجالات الاستفادة متعددة، كالنشاط العلمي، والأسري، والاجتماعي، والدعوي، والمهاري وغيرها. كم اتمنى أن نفعل الدور التبادلي الاجتماعي والتطوعي والنفعي بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من جهة، والمواطنين من جهة كتفعيل التدريب على آليات الدفاع المدني للأحياء، والهلال الأحمر والإسعاف، وكم أتمنى أن يجتمع تجار كل مدينة مع المسؤول الأول فيها ويحصي شبابها وشاباتها وأطفالها، وتوضع لهم البرامج المثمرة ذات الحوافز والفائدة والمتعة! نعم يوجد شيء من ذلك وجميل، لكن الحاجة أكبر بكثير ويحتاج توسيعه وتطويره وجاذبيته، فثروة كل بلد أطفاله وشبابه، وإن أعددناهم جيداً قدنا بهم الأمم والحياة.