خذل الأتراك الرجل القوي رجب طيب أردوغان الذي تلقى صفعة قاسية لطموحاته إلى امتلاك سلطات رئاسية واسعة. وللمرة الأولى منذ عام 2002 يفقد حزب العدالة والتنمية الغالبية المطلقة ويجد نفسه مضطراً إلى النظر في خيارات لم يألفها يوماً مثل دخول حكومة ائتلافية أو تأليف حكومة أقلية, وبدأ حزب العدالة والتنمية بمراجعة استراتيجيته المقبلة غداة خسارته الغالبية المطلقة في البرلمان للمرة الأولى منذ 13 عاما، فيما يشكل نكسة كبرى للرئيس رجب طيب أردوغان، ومع أن الحزب حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، الأحد، إلا أنه لم يفز بغالبية المقاعد بسبب الاختراق الذي حققه حزب الشعب الديموقراطي الكردي، وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان: إنه لم يفز أي حزب بتفويض للحكم بمفرده بعد الانتخابات البرلمانية ودعا كل الأحزاب السياسية إلى العمل من أجل الحفاظ على مناخ من الثقة والاستقرار في البلاد، وأضاف في بيان أصدره مكتبه: "رأي شعبنا فوق كل شيء آخر" و"أعتقد أن كل الأحزاب ستقيم النتائج التي لا تتيح الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة حزب واحد بصورة سليمة وواقعية." دستور مدني جديد وفي السياق، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بأن حزبه سيعيد تقييم الأمور، ودعا الأحزاب التركية إلى صياغة دستور مدني جديد لتركيا. ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" أمس الإثنين، عنه القول الليلة قبل الماضية، عقب ظهور النتائج الأولية للانتخابات :"حزب العدالة والتنمية هو المنتصر الأول في الانتخابات.. ولا يجوز لأي أحد أن يحول هزائمه لانتصارات، وعلى الجميع أن يحاسب نفسه". وأوضح أن حزبه سيعيد تقييم الأمور، وسيجري الاستشارات الضرورية، وسيقدم على اتخاذ الخطوات المناسبة التي من شأنها جلب الاستقرار للشعب التركي"، وقال موجها حديثه للأحزاب التركية الأخرى :"على الجميع أن يعيد تقييم الأمور، وأدعو الأحزاب التركية مجددا، إلى صياغة دستور مدني جديد لتركيا، من أجل مستقبلها ولتحقيق السلام والاستقرار لها". وأضاف :"ينبغي على كل حزب أن يترك مسافة بينه وبين العنف والإرهاب، وأن يضع على الطاولة ما لديه من أفكار جيدة، ونحن كحزب منفتحون على كافة الأفكار ومستعدون لنقاشها، لكننا نرفض أن تعود ثقافة الانقلاب والوصاية إلى تركيا ثانية". رسالة الناخبين إلى ذلك، وفي رسالة من الناخبين لا يمكن إنكارها، تراجع التأييد للحزب الحاكم ثماني نقاط مئوية على الأقل عنه في الانتخابات السابقة عام 2011، وهي رسالة موجهة إلى شخص أردوغان. فهو بدأ الحملة الانتخابية بطلب 400 مقعد من أصل 550 في مجلس النواب، فإذا بالصناديق لا تعطيه سوى 260 في أفضل تقدير، أي دون الغالبية ب16 نائباً. وفي إقرار بالرسالة التي وجهها الناخبون، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: إن "خيار الشعب هو الخيار الأكثر صواباً". ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول كبير في الحزب توقعه قيام حكومة أقلية وإجراء انتخابات مبكرة. نكسة انتخابية ومنيت آمال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في زيادة سلطاته بنكسة كبيرة، الأحد، بعد فشل حزب العدالة والتنمية الحاكم لأول مرة في الفوز بأغلبية صريحة في انتخابات برلمانية، وفقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته المطلقة في البرلمان حسب نتائج غير رسمية للانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، بينما استبعد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي التحالف مع الحزب الحاكم لتشكيل حكومة ائتلافية، في وقت دعا فيه حزب الحركة القومية إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت محاولات تكوين هذه الحكومة. وكان اردوغان يأمل بتحقيق فوز ساحق لحزب العدالة والتنمية يسمح له بتغيير الدستور وإنشاء رئاسة أكثر نفوذا على الطراز الأمريكي. ولفعل ذلك كان يحتاج للفوز بثلثي مقاعد البرلمان. وبدلا من ذلك أصبح حزب العدالة والتنمية غير قادر على الحكم بمفرده لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة قبل 13 عاما تقريبا. ويواجه الحزب مفاوضات صعبة قد تستمر أسابيع مع أحزاب معارضة لتشكيل حكومة مستقرة واحتمال إجراء انتخابات أخرى مبكرة. احتفالات كردية ولكن بالنسبة للأكراد المبتهجين الذين تدفقوا إلى شوارع مدينة ديار بكر الواقعة في جنوب شرق تركيا مشعلين ألعابا نارية وملوحين بالأعلام فهناك الكثير الذي يستحق الاحتفال. وتعدى حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد حد العشرة في المائة اللازم لدخول البرلمان لأول مرة. وبعد أن أعطته النتائج الأولية نحو 13 في المائة استبعد صلاح الدين دمرداش الزعيم المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي تشكيل ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية، وقال: إن نتيجة الانتخابات وضعت نهاية للحديث عن تعزيز سلطات الرئيس الذي يؤيده اردوغان. وقال في مؤتمر صحفي في اسطنبول: إن"نقاش إنشاء رئاسة تنفيذية ودكتاتورية انتهى في تركيا." ووصف النتيجة بأنها انتصار "لمن يريدون دستورا تعدديا ومدنيا جديدا." الخاسر الرئيسي وقال سنان أولجين، وهو باحث زائر في معهد كارنجي أوروبا، ورئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية، الذي يوجد مقره في اسطنبول: إن"اردوغان هو الخاسر الرئيسي في ضوء دفاعه عن فكرتين:إحداهما التحول إلى نظام رئاسي والثانية حكومة الحزب الواحد. "لم يتحقق أي منهما." حكومة ائتلافية ونقلت رويترز عن زعيم الحزب صلاح الدين ديمرتاش قوله: إن الحزب لن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية، واعتبر أن نتيجة الانتخابات في تركيا وضعت حدا للنقاش بخصوص النظام الرئاسي. من جهته، دعا زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، إلى إجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية الحاكم الاتفاق على ائتلاف مع حزبين معارضين آخرين في البرلمان. ويُنظر إلى حزب الحركة القومية على أنه الشريك الأصغر المحتمل في حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية. ولكن بهجلي استبعد ذلك تقريبا، قائلا: إنه يجب بحث خيارات أخرى أولا، وأوضح أن "الاحتمال الأول بالنسبة لتشكيل ائتلاف يجب أن يكون بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد). والنموذج الثاني يمكن أن يتألف من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي. وشدد على أنه في حال فشل كل هذه السيناريوهات، يجب حينئذ إجراء انتخابات مبكرة. بدوره اعتبر رئيس حزب الشعب الجمهوري مراد كارايالجين أن نتائج الانتخابات تعبر عن رفض واضح من الناخبين لمسعى الرئيس رجب طيب أردوغان لنيل صلاحيات واسعة والتحول باتجاه نظام رئاسي تنفيذي.