القديح مدينة حالمة عصامية، لم يمنعها (قصر اليد من طول اليد) في المحافل الرياضية، فهي المدينة التي حققت حلما سعوديا طال انتظاره بلقب كأس آسيا لكرة اليد والوصول للعالمية في هذه اللعبة. طموح أهالي هذه المدينة ليس له حدود، فقد عرفوا بجمالية المفردة في المدرج، والجدية داخل الملعب، وتحويل الشوك لورد في أحلك الظروف، فرغم قلة الإمكانيات والتدريب على ملاعب مسفلتة وسط الأجواء المناخية المتعددة حرا وبردا ومطرا وغبارا، إلا أن رجال هذه المدينة أوفياء لقديحهم لدرجة تجعلك تصفق كثيرا لفنهم ومهاراتهم وتطرب لجمهورهم عندما تتابع يدهم في الصالات أو قدمهم في الملاعب. لقد أبهر أهالي القديح الجميع رياضيا، وها هم يبهرون الجميع بصبرهم في الشدائد وتماسكهم في المصائب، ووعيهم وصدهم لكل من يحاول استثمار دمائهم ضد بلدهم وشعبهم وقيادتهم، فالمصاب واحد عند الجميع، والألم الذي أصاب القديح في صلاة الجمعة بفاجعة التفجير الآثم والذي راحت ضحيته دماء زكية تناثرت شظاياه حرقة في قلوب جميع أبناء المملكة وكل الشرفاء، فاليد الغادرة التي فجرت في القديح الحبيبة هي نفسها التي فجرت في الرياضوجدة والقصيم والجنوب ولم تفرق بين مواطن وآخر ومنطقة وأخرى، ولا بين مدني ولا عسكري ولا مسئول، فهي يد لا تحمل في أجندتها سوى الخراب والدمار للجميع بفكر تبرأ منه الجميع. لك الله أيها القديح، فقد واكبت المصائب بساطة أهلك الذين لا يعرفون سوى الطيبة عنوانا والابتسامة تفصيلا والعفة والكرامة كتابا، فبالأمس القريب كانت فاجعة حريق أفراحك الذي راح ضحيته ( 67) إمرأة وفتاة، وحينها كانت يد العطف من الملك عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله» بإنشاء صالة أفراح بالقديح. واليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- يتوعد كل من شارك وخطط ودعم وتعاون وتعاطف مع جريمة القديح النكراء سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة والعقاب الذي يستحقه. «يا أهلنا في القديح» هكذا يخاطب القائد العادل الحازم سلمان بن عبدالعزيز أهالي وأسر الشهداء في تفجير القديح البشع.