إلى متى تستطيع اليونان المواصلة؟ بإيرادات تغطي فقط فاتورة الأجور والمعاشات التقاعدية، ليس هنالك الكثير المتبقي لتسديد حتى المدفوعات المستحقة الضئيلة لصندوق النقد الدولي في شهر يونيو. إذا كان بإمكان اليونان وقطاعها المصرفي التحرك خطوة بسيطة، فإنه ينبغي على الدولة أن تحصل على دفعة من إيصالات ضريبة الدخل التي تتدفق عادة في شهر يوليو. لسوء الحظ، قد يأتي هذا متأخرا وبعد فوات الأوان حتى تستطيع اليونان تسديد دفعة للبنك المركزي الأوروبي مقدارها 3.5 مليار يورو، والتي يقع تاريخ استحقاقها في العشرين من يوليو، وتبدو عملية السداد التي تليها في شهر أغسطس وكأنها نوع من التحدي المستحيل من دون صرف أموال مجموعة اليورو. إن مخاطر تفويت الدفعات في هذه الأثناء تتزايد بشكل واضح. الوقت الذي يمكن لليونان أن تتحمله للاستمرار في التفاوض يعتمد على أربعة أمور: كم من المال لديها الآن، حجم المدفوعات التي يمكن أن تحتاج إلى تقديمها أثناء مفاوضاتها، كم يمكنها الجمع من خلال النشاط الاقتصادي المحلي، فيما إذا كان يمكن لقطاعها المصرفي أن يبقى عائما وقادرا على الصمود. لذلك، كم من المال تمتلك اليونان الآن؟ إن أفضل تخمين هو: ليس الكثير من المال، ذلك لأن آخر دفعة تم تقديمها لصندوق النقد الدولي عن طريق الاستعانة بأموال الحساب الاحتياطي الخاص باليونان في الصندوق مع زيادة فوق المبلغ قليلا من صناديق الخزانة. من الصعب أن يكون التحسن النموذجي الحاصل في شهر يوليو في الإيرادات الضريبية موضع ترحيب أكثر مما قد يكون عليه هذا العام. هنالك المزيد من مدفوعات صندوق النقد الدولي لتقديمها في شهر يونيه- أكبر من تلك المستحقة في شهر مايو- ومن ثم هنالك دفعتان من التسديدات الكبيرة التي يجب تقديمها إلى البنك المركزي الأوروبي في شهري يوليو وأغسطس. فيما وراء الموارد الموجودة حاليا، يتحدد النطاق الخاص بالخزينة لتقديم المدفوعات المذكورة أعلاه من خلال التوازن بين الإيرادات والنفقات. يبدو أن الإيصالات استطاعت الصمود عند مستوى أفضل مما كان متوقعا، نظرا لأن الاقتصاد كان قد عانى خلال الأشهر الأخيرة. توضح الرسوم البيانية التدفق الشهري لإيرادات هذا العام مقارنة مع العام الماضي (والإنفاق). تبدو البداية السيئة لعام 2015 بأنها تدريجيا تتحول لتصبح جيدة بسبب الإيصالات الأقوى في شهري مارس وأبريل من تلك التي تدفقت في الفترة نفسها من عام 2014- حيث أن تقديرات شهر أبريل تعتبر تقديرات أولية. في حال بدأ المواطنون في اليونان بفقدان الثقة في التوصل إلى نتيجة إيجابية في المفاوضات، من المحتمل جدا أن تتعرض الإيصالات للتعثر، على اعتبار أنه سيتم تعليق المزيد من مدفوعات الضرائب العادية، وبالتالي تكون النتيجة هي تراجع النشاط الخاضع للضريبة. مع ذلك، من المرجح أن يحصل بعض الدفع للرصيد المصرفي للخزانة في شهر يوليو. يمكن رفع الإيرادات العامة للحكومة بحوالي 3.8 مليار يورو مقارنة مع المتوسط في الأشهر الأخرى من العام. هذا قد يساعد في إيجاد بعض الحلول نحو المبالغ اللازمة للدفع للبنك المركزي الأوروبي، رغم أنها قد لا تأتي قريبا بما فيه الكفاية من أجل تجنب عملية دفع فات أوانها. يبدو أن الإنفاق قد سجل مستوى دون المستوى الذي سجله في عام 2014 وذلك في معظم أشهر عام 2015 لغاية الآن، رغم أن هذا كان على حساب المدفوعات المقدمة إلى مزودي الخدمة العامة في اليونان. بالتالي، ارتفعت المتأخرات خلال الأشهر الأخيرة. قد يكون هنالك بعض المجال لمواصلة قمع الإنفاق على المدى القريب، رغم أن ذلك سيؤثر على الخدمات العامة. كان هنالك بعض الحديث حول إصدار الحكومة سندات دين من أجل تجنب حالة الإعسار. قد يكون ذلك مجديا لفترة زمنية قصيرة جدا، مثل إعادة توجيه الأجور والرواتب نحو سداد مدفوعات البنك المركزي الأوروبي لبضعة أيام قبل أن تتدفق إيصالات الضرائب، لكن ذلك من المرجح أن يعمل على الظهور السريع لاقتصاد المقايضة- هذا ناهيك عن الاضطرابات المدنية التي قد يثيرها عدم دفع المرتبات. بالطبع، القيام بذلك في شهر يوليو يعتمد على الفترة الزمنية التي يمكن للقطاع المصرفي اليوناني البقاء فيها على قيد الحياة. بغياب عملية إلغاء لبعض الديون على الشكل الذي فرضه البنك المركزي الأوروبي على ضمانات البنوك اليونانية، من غير المرجح أن تكون القيود المفروضة على المساعدات الطارئة من السيولة النقدية قيودا خطيرة قبل منتصف شهر يوليو. تمتلك المصارف اليونانية ضمانات كافية للوصول إلى سيولة نقدية تقدر بحدود 93 مليار يورو. وهذا يشكل 13 مليار يورو فوق الحد الأقصى الحالي. متوسط أربعة أسابيع من الزيادات من قبل البنك المركزي الأوروبي هو الآن عند 1.5 مليار. بالوتيرة الحالية للزيادة، يمكن للمصارف اليونانية مواصلة الاقتراض بشكل أكبر لحوالي ثمانية أسابيع لمعادلة هروب الودائع. يكمن الخطر هنا في أن يتوقف البنك المركزي الأوروبي عن زيادة حجم مبالغ الدعم التي يقدمها بموجب برنامج المساعدات، أو أن يزيد التخفيض على الضمانات التي تعهدت بها المصارف اليونانية. كلاهما قد يساعد في إيجاد ضوابط لرأس المال وقد يصبح القطاع المصرفي اليوناني مضغوطا بشكل بالغ. رأينا هو أن مثل هذا التدخل قد لا يحدث دون حصول انهيار في المفاوضات السياسية. ربما يكون البنك المركزي الأوروبي هو الآلية التي تنهار اليونان من خلالها على نحو يؤدي إلى خروجها من منطقة اليورو، لكن لا يرجح له أن يكون الحافز المحفر لذلك الخروج. بالتالي، خلاصة القول، ومع افتراض عدم وجود تدخل من البنك المركزي الأوروبي، يمكن لليونان بصعوبة أن تواصل طريقها خلال شهر يونيو- مع أن ذلك لن يكون سهلا- مع جزء من شهر يوليو (وهذا يتوقف على الموعد الذي يتدفق فيه الدخل من المقبوضات الضريبية). لعل الحاجة إلى اتفاق الآن لم تكن أعظم مما كانت عليه منذ عام 2012.