قرار وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكس المفاجئ للاجتماع مع رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد في واشنطن أضاف إلى التشويق حول ما إذا كانت اليونان سوف تدفع ديونها المستحقة لهذا الصندوق. هذا هو السؤال الذي تترتب عليه آثار مهمة، لأن التخلف عن سداد قروض من صندوق النقد الدولي، أحد «الدائنين المفضلين» القليلين في العالم، يعتبر حالة نادرة للغاية. عندما كانت تحدث، كان يغلب على المدينين أن يكونوا من البلدان الهشة أو الفاشلة في العالم النامي وليس دولا متقدمة، ناهيك عن أعضاء منطقة اليورو، وهي واحدة من المجموعات الاقتصادية النخبة في العالم. وحقيقة أن دفع مبلغ 450 مليون يورو (حوالي 500 مليون دولار) تعتبر في موضع شك يعكس الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية المتطرفة التي تواجه اليونان. فمن الصعب أن نتصور أي نتيجة لهذا المأزق يكون من شأنها تحسين أوضاع اليونان. مع متاعب اليونان في محاولاتها لاستعادة النمو الاقتصادي، ووجود معدل بطالة يبلغ 26%، فإنها لن تستطيع توليد إيرادات كافية لتلبية جميع التزاماتها. وعلى الرغم من أن المنطق الاقتصادي يعمل في معظمه في صالحها، إلا أن قدرة اليونان على تعبئة تمويل إضافي من الخارج قد توقفت بسبب سوء إدارة المفاوضات وتعنت الدائنين على حد سواء. وفي الوقت نفسه، السياق السياسي - الاجتماعي الداخلي في اليونان يجعل من الصعب على الحكومة تقديم المدفوعات لصندوق النقد الدولي، وخاصة في الوقت الذي تكافح فيه لدفع الرواتب وتمويل الخدمات الاجتماعية الأساسية. ومع ذلك، لا بد من أن يتم الدفع لصندوق النقد الدولي. البلدان التي تتخلف عن دفع التزاماتها لصندوق النقد الدولي تمر في كثير من الأحيان بتجربة اضطراب واسع النطاق للعلاقات المالية العابرة للحدود. في حالة اليونان، فإن مثل هذا الإعسار قد يعيق تدفق الأموال من البنك المركزي الأوروبي، الذي يعتبر حاليا شريان الحياة بالنسبة للبنوك في اليونان. وذلك من شأنه تسريع خروج الودائع من البنوك، الأمر الذي يزيد من احتمال تحول سحب الأرصدة من البنوك إلى تدافع سريع يعمل على زعزعة الاستقرار. إدراكا منها لذلك، من المرجح أن الحكومة اليونانية سوف تجد وسيلة لتسديد المبلغ لصندوق النقد الدولي قبل موعده النهائي (أو بعد ذلك بقليل خلال فترة السماح المسموح بها) - وبعد الاجتماع في واشنطن، قالت لاجارد إنها تلقت «تأكيدا» من فاروفاكس أن الدفع «سيكون خلال فترة قريبة للغاية». ولكن القيام بذلك قد يكون الخيار الأقل سوءا بالنسبة لليونان في حالة وجود موقف يخسر فيه الطرفان. إن الدفع لصندوق النقد الدولي ليس بالضرورة أن يجعل من السهل على اليونان ودائنيها العمل بشكل تعاوني أفضل لاستعادة النمو في البلاد والجدارة المالية مع منطقة اليورو. للأسف، من المرجح لذلك أن يؤدي إلى تفاقم التوترات وحتى زيادة احتمال حدوث «واقعة يونانية» (أي، نوع من الاضطراب الاقتصادي أو المالي أو السياسي، على نحو يدفع اليونان خارج منطقة اليورو ضد رغبات جميع اللاعبين الرئيسيين). على الرغم من أن اليونان شهدت واحدة من أكبر التعديلات المالية العامة في التاريخ، إلا أن النزيف المستمر من الأموال الناتج عن هروب رأس المال يعني أنه ليس بمقدورها أن تدفع مبلغ 500 مليون دولار صاف إلى واحد من الدائنين الرسميين. إذا لم يتم مطابقة النفقات بسرعة عن طريق تمويل جديد من دائنيها - والتي تم توقيف معظمها منذ أغسطس - فإن هذا الاستنزاف الواضح للغاية من الأموال يمكن أن يسرع من عمليات تدافع العملاء لسحب أرصدتهم من البنوك المحلية.