نستطيع وصف نتائج القمة التاريخية بين قادة الخليج والرئيس الامريكي بأنها حققت المطامح المُمكنة والواقعية ويمكن وصف القمة بأنها جاءت ب «أفضل المأمول» حيث حقق كل من الطرفين مكاسب وسجل نقاطا، وهما يعلمان أن السياسة هي فن الممكن فدول الخليج نجحت في ايصال رسالتها الاهم وهي أن ايران هي عامل عدم الاستقرار الأول في منطقة الشرق الاوسط وورود ذلك في البيان الختامي يشير إلى ان الرئيس الأمريكي اقتنع -ان لم يكن تبنى- وجهة النظر الخليجية وزاد انه قدم التزاما سياسيا وعسكريا أمريكيا لمواجهة تمدد إيران الإقليمي والذي هو بمثابة تهديد لدول الخليج. فيما حقق الجانب الأمريكي مكاسب هامة باعتراف دول الخليج ورضاها المبدئي عن الاتفاق النووي النهائي والمتوقع مع إيران والاستمرار في العمل كشركاء ضد الإرهاب والأهم اقتراب أمريكي أكثر من موقف دول مجلس التعاون في سوريا واليمن ضد الأسد والحوثيين. الاتفاق الجديد على عقد قمة خليجية أمريكية سنوية يدل على المراهنة على المستقبل ويؤكد مأسسة للعلاقات الاستراتيجية الجماعية والتى بدأت بعد عقد أول منتدى للتعاون الإستراتيجي في 31 مارس 2012م والجديد انه تم رفع مستوى التنسيق الخليجي الامريكي السنوي الى مستوى القادة بعد ان كان على مستوى وزراء الخارجية والدفاع. وهنا لا بد من القول إن العالم يحترم الاقوياء والتوحد في الموقف الخليجي يعطي رسالة للعالم بوجود واقع سياسي خليجي جديد يتحدث للاقليم والعالم بلهجة واحدة. النظرة لنصف الكأس الممتلئ تقول ان دول الخليج وهي -التي طالما كانت قريبة من واشنطن- اصبحت اكثر قربا وان العلاقات الخليجية الامريكية اصبحت اكثر قوة حيث تم تجديد الالتزام من اقوى حليف كالولايات المتحدة تجاه أمن الخليج، وفيمن رأى نصف الكأس الفارغ، فذهب ان دول الخليج لم تنجح في الحصول على وعد بمعاهدة ملزمة يصادق عليها المشرع الامريكي ولا أسلحة متطورة تصل للمستوى التقني والنوعي الذى تحصل عليه إسرائيل ولم يأت الحديث على وضع دول المجلس تحت المظلة النووية أو التقليدية الأمريكية، أي ان دول الخليج لم تحصل على الضمانات المكتوبة والتى كانت -ربما تتمناها- وبقي الالتزام الأمريكي شفهياً وغير مُلزم.. من النتائج الجديدة هي تجديد الصداقة مع الحليف الاول ومأسستها وهذا لا يمنع البدء في مرحلة طويلة وجديدة للاعتماد على الذات الخليجي مع الحفاظ على مكاسب ما تحقق عبر عقود من الصداقة مع واشنطن والمراهنة على ان العلاقات الخليجية الأمريكية ستستمر إستراتيجية بغض النظر عن سياسات الإدارة الحالية أو نظرة الرئيس اوباما وبعض مستشاريه فالعلاقات اكبر من البيت الابيض وإذا افترض البعض حدوث نوع من الانخفاض في مستوى العلاقات فهو خفض من الأرباح وليس من رأس المال السياسي في العلاقات الدائمة بين دول الخليج والولايات المتحدة. الذي يتابع كثيرا من البرامج التلفازية ويقرأ بعض المقالات في الصحف العربية يجد انفعالاً غير صحي وتباعداً كثيراً بين فريق غلب عليه الرضا والتفاؤل لدرجة كبيرة، وفريق غلب عليه الغضب والتشاؤم لدرجة انه يصور الأمور وكأن حربا ستقوم بين دول الخليج والولايات المتحدةالأمريكية والسبب يعود باختصار الى الغياب او البعد عن الواقع السياسي او الدبلوماسي وضعف توضيحات السياسيين الخليجيين فباستثناء تصريح أو تصريحين لوزراء خليجيين لم تصدر توضيحات كافية وشافية ومطمئنة سواء موجهة للجمهور الأمريكي او الخليجي. أمريكياً كان حديث الرئيس الأمريكي اوباما للمرة الأولى لصحيفة الشرق الأوسط ومنحه وقتاً لقناة العربية وقت دليلا على حرص رئاسي على توضيح رؤيته حول العلاقات الاستراتيجية وأمن منطقة الخليج والشرق الأوسط والتى ستظل شاء أم أبى منطقة حيوية للعالم. * محلل سياسي