يُمكن القول إن الشهر الحالي هو شهر امريكي بامتياز حيث انشغلت دول الخليج بالقمة التي سيعقدها الرئيس الأمريكي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي أو من ينوب عنهم في «كامب ديفيد» وسط توقعات أن تحدد هذه القمة ملامح مسار العلاقات بين دول الخليج والولاياتالمتحدة حيث يتأمل المتفائلون أن يُثمر اللقاء التاريخي مزيدا من المكاشفة والمصارحة وتحقيق أفضل النتائج مع إنجاز الحد الممكن من المصالح المشتركة وضمان التقليل من خطر البرنامج النووي الإيراني، وسط تأكيدات أمريكية أن الرئيس أوباما سيحرص على شرح فوائد الانفتاح على إيران مع احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي حول برنامجها النووي نهاية الشهر المقبل، وسيبذل قصارى جهده لطمأنة قادة الخليج واقتراح اتفاق امني ودفاعي إقليمي للحماية من الصواريخ الإيرانية، وقد يصحب ذلك عروض بصفقات سلاح جديدة ومزيد من التدريبات العسكرية المشتركة. في العاشر من شهر رجب صدر أمر ملكي بتعيين السفير السعودي في الولاياتالمتحدة عادل الجبير وزيراً للخارجية، ولعل من محاسن الصُدف أن تكون أول ورشة سياسية يعقدها معهد الدراسات الدبلوماسية بعد التغيير الوزاري هي ورشة «العلاقات السعودية- الأمريكية» والتى اشتملت على عدة جلسات كان أهمها جلسة «العلاقات الثنائية السعودية- الأمريكية» وجلسة «الديناميكية الجديدة لأمن الخليج العربي» وجلسة «الصور الجيوستراتيجية الجديدة للشرق الأوسط» وزاد من أهمية الورشة وجود وزير الخارجية الأمريكي بالرياض، والحديث الصريح والواقعي بين المشاركين حيث كانت إيران حاضرة في معظم النقاشات حيث تحدث سعوديون عن مشاعر القلق الرسمية والشعبية الخليجية من السياسة الأمريكية تجاه إيران، فيما دافع الجانب الأمريكي عن فوائد الاتفاق المحتمل مع إيران حول برنامجها النووي، ونفي وجود سياسة جديدة لتطبيع العلاقات مع طهران. والقول إن واشنطن ملتزمة بأمن دول المنطقة ولو تطلب الأمر إقامة درع صاروخي لحماية دول الخليج من أي تهديد إيراني. النقاشات الخليجية غالباً تنقسم لقسمين الأول منها يغلب عليه النظرة الواقعية حيث يرى أن الولاياتالمتحدة كانت وستظل الحليف الاستراتيجي الأول لدول الخليج، وان حدث تحول ما وتغيير في إستراتيجية واشنطن تجاه الخليج فهذا أمر طبيعي ولعل التغيير الجذري بعد «عاصفة الحزم» يُشير الى ان السعودية ودول الخليج لديها القدرة على القيادة المنفردة وحماية أمنها وأمن المنطقة بعيداً عن الاعتماد على أي حلفاء ويذهب اهل هذا الرأي الى وجوب قراءة الامور بواقعية ورفض فكرة وجود دور للعواطف أو الأمنيات في السياسة حيث المصالح هي العامل المشترك. ويذهب فريق خليجي آخر الى الطرح الناقد والمتشكك من سياسة الرئيس اوباما في المنطقة والتي يرون انها تعتمد على التقرب من ايران بأي ثمن، دون مراعاة لقلق دول الخليج من مخاطر البرنامج النووي الإيراني والمخاوف من احتمال امتلاك طهران سلاحاً ذرياً ورفع العقوبات الاقتصادية عنها وهذا الأمر سيساعد إيران على التمادي في محاولات فرض هيمنتها على دول المنطقة، وينتقد هذا الفريق سعي الديمقراطيين للابتعاد عن المنطقة قدر الإمكان ويراهن على عودة الجمهوريين للرئاسة الامريكية وبالتالي عودة اهتمامهم بالشرق الاوسط والخليج وخاصة مع وجود تاريخ للجمهوريين في معارضة البرنامج النووي ورفض تزايد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق واليمن ولبنان. بعض الخليجيين كان سعيداً بما يعتبره تخفيض التمثيل الخليجي في قمة كامب ديفيد باعتبار ذلك رسالة خليجية تحمل عتبا دبلوماسيا فيما يطالب البعض بالمشاركة الفاعلة بالقمة والحديث الصريح مع الشريك الإستراتيجي والأهم لدول مجلس التعاون بغض النظر عن الاختلافات وتغيير سياسات الإدارات الأمريكية الوقتية. * محلل سياسي