يستمتع الزائر لمدينة جدة التاريخية ب «شارع الرسامين» كمسار ثقافي في المدينة ويمتاز بكونه ساحة تضم مختلف مدارس الفن التشكيلي والحرفي، وهو ما جعل «الجسر الثقافي» يتجول في الشارع ليرصد تلك العلاقة الحميمة بين الإنسان ومدينة جدة التاريخية التي غدت من الذاكرة الحجازية الراسخة من مبان قديمة ورواشين جميلة ورموز ونقوش على اخشاب عتيقة حتى وإن كانت برؤية عصرية صفت في ازقتها الضيقة لتتجلى كلوحات عريقة للفن الحجازي الذي أبدع فيه فنانون حرص كل منهم على ابتكار خطه واسلوبه الخاص الذي يميز لوحاته عن الاخر. تراكمات فنية في البداية التقينا مع المشرف العام على شارع الرسامين الفنان ايهاب الحداد الذي تحدث عن تجربته ومشاركته المتمثلة في ثلاث لوحات تحمل فكرة رواشين جدة من الداخل والتي تعكس هوية الحجاز التراثية ، ويشع منها عبق الماضي لتذكرنا بالتراث القيم الجميل. وقال الحداد: «كل ما يعرض في هذا الشارع ما هو إلا رصيد جيد من الموروثات التراثية والشعبية التي تكونت لدى كل فنان كتراكمات فكرية فنيّة». ويتابع الحداد: «في لوحاتي اعتمدت على اكثر من أسلوب (الخامات– الكليك– الزيت– الفحم) لكوني أعتبر التعددية الأسلوبية في الأعمال افضل ناتج عن التجربة، كما اني اسعى جاهدا للمواءمة بين المعطيات التراثية المحلية ومفرداتها من خلال الصيغ والأساليب المعاصرة القائمة على الاختزال والتلخيص». ذائقة فنية من جهته اشاد الفنان التشكيلي عبدالحميد الفي عضو نقابة الفنانين التشكيليين في الإسكندرية وعضو جمعية الثقافة والفنون بجدة في الدعم الكبير للحراك التشكيلي الذي يقوم به مهرجان جدة التاريخي لرفع ذائقة الفنون البصرية وقال: «مشاركتي عبارة عن ثلاث لوحات تصف جدة وجمالها التراثي الأصيل، كما تطرقت لرسم البحر وشجونه والشواطئ والرمال والامواج وبعض المساجد باعتبارها اثرا موجودا في جدة، أما الجزء الثاني من لوحاتي فكان عن الرواشين والفوانيس». اما عن رؤيته للمهرجان فقال: «يعتبر المهرجان خطوة جميلة لكونه معرضا مفتوحا للمتذوق والزائر، كما انه أعطى مساحة للمبتدئين لاطلاع الجمهور على أعمالهم، لذلك نتمنى الاستمرار في إقامة مثل الاحتفالات التي تتعلق بالتراث والتي تبرز وتظهر هذا التاريخ العريق». رؤية مختلفة فيما تحدث الفنان معتز الينبعاوي عن رؤيته المختلفة التى انتقاها لنا عبر لوحاته قائلا: «انطلقت لوحاتي من عباءة التراث لتؤرخ الأغنية الحجازية في لوحة للفنان طلال مداح، الذي ما زلت متأثرا وبشكل كبير برحلته الفنية، لذلك أردت أن يكون هنالك نوع من الاختلاف لما يعرض، خصوصا وأن أكثر اللوحات التي تعرض تحاكي الرواشين والبيوت القديمة، ولكن أن تتناول مجموعة من الفنانين وتحيي ذكراهم فهي مادة جديدة فيها إثراء لخيال الفنان والمشاهد». الأصالة والحداثة اما الفنان سلطان عثمان فشارك في ست لوحات تحاكي رواشين جدة وبيت نصيف رسموا باستخدام الفن الرقمي والتي قال عنها إنها طريقة تجمع بين الاصالة والحداثة وبين التقليد والمعاصرة واصفا اياها بالاسرع والاكثر فاعلية لكونها تعطي حرية أكثر، من خلال التشكيل المباشر على جهاز الكمبيوتر واستخدام البرامج المتطورة. الموروث والشخصية اما الفنان محمد غبره فشارك بأربعة اعمال تعبر عن الموروث والشخصية الحجازية بالإضافة لرسم البورتريه والأنتيكات والتيشرتات وأكواب طبعت عليها بعض الأمثال الحجازية، مشيرا الى أن مهرجان جدة التاريخية فرصة كبيرة لتوفير فرصة للشباب لبيع أعمالهم التشكيلية بأسعار في متناول الجميع لإثراء الفنون البصرية ورفع الذائقة الجمالية. تظاهرة فنية ووصف الفنان التشكيلي نهار مرزوق جدة التاريخية بالنواة التي تتيح للفنانين وضع بصمتهم في تظاهرة ثقافية فنية جميلة، مشيرا الى أنه شارك بعدد من اللوحات تصور معالم التراث الحجازي الذي يشمل البيوت القديمة وتفاصيلها من أبواب وشبابيك بجانب البحر الذي يهدر على مسافة قريبة من القلب، ومن الذاكرة المشحونة بصور الطفولة، مؤكدا أن هذا النوع من المهرجانات يعمل على تأصيل التراث والحفاظ عليه وتعريف الجيل الجديد بالموروث الشعبي. معتز الينبعاوي نهار مرزوق