حلقن مع أعمالهن وجسدن التراث الحجازي بكل أشكاله، في صور متعددة وأساليب ومدارس فكرية غلب عليها الطابع الفكري والفلسفي، وذلك ضمن مشاركة عدد من التشكيليات في مهرجان جدة التاريخي، الذي يهدف إلى تشجيع الفنان التشكيلي على استلهام واستخلاص القيم الفنية والجمالية للتراث العمراني الحجازي، وتوظيفه التوظيف الأمثل في الأعمال الفنية التشكيلية المعاصرة وإثراء الفن التشكيلي السعودي. تقنية فنية التقينا بالفنانة سحر عناني، وهي من إحدى المشاركات في المعرض التشكيلي في مهرجان جدة التاريخي، فقالت: شاركت بالعديد من اللوحات، واستخدمت في لوحاتي الألوان الزيتية والمائية الأكريليك والحبر ولوحاتي مثلت التراث بشكل عام، ولكنها لم تقتصر على التراث الحجازي، ففي إحدى لوحاتي مثلت المرأة النوبية رغم أني لست من سكان النوبة، إلا أن البيئة النوبية سكنت أعماقي ومخزوني البصري، بأصالتها وحضارتها وموروثاتها الشعبية، ونقشت تراثها على جدران ذكرياتي. وتدور فكرة لوحة عناني عن مجموعة "نساء نوبيات" بلباسهم الشعبي وقد حملت اللوحة نضجا فنيا وتقنيا عاليا فقد ترجمت لون الحياة النوبية اليومية من خلال مجموعة لونية، كذلك نجد أنها استخدمت الألوان بحرفية وتقنية فنية، مما أعطى للأعمال قيمة تراثية، بجانب قيمتها الجمالية، رغم أن الأعمال تأكد فيها التسطيح واختزال التفاصيل والتبسيط البليغ؛ من أجل استخلاص جوهر العناصر محافظة بذلك على المضمون. تراث فني أما الفنانة فاطمة محيي الدين، فعبرت من خلال فن البورتريه عن رموز فنية وتاريخية، كما أنها ترى أن فن البورتريه مسؤولية فنية وتوثيقية وتاريخية، وتفاوتت موضوعات اللوحات المعروضة، حيث تناولت جزءا منها فكرة إحياء الموروث الثقافي الفني في الوطن العربي من رواد وهرم الفن والطرب والموسيقى: أم كلثوم، فيروز، سعاد حسني، وما تخزن بداخلها من فن محلي وأصيل وطربي لفنانين رحلوا أو بقوا مخلدين في صفحات التاريخ، وأخرى تصور البيئة الحجازية وشخصيات تاريخية مثل: الملك فيصل. البيئة الحجازية فيما تأثرت الفنانة أحلام احمد المشهدي بمدينة جدة التاريخية وبجمالها وتراثها العمراني الرائع، وقالت: "جذبني أسلوب الرواشين الخشبية التي تطرز هذه الأبنية الجميلة، وفتنت بأسواقها وجوامعها وتكويناتها العفوية، والتنسيق الذي يبعث في النفس إحساساً بالراحة والطمأنينة، لذلك ترجمت هذا في لوحات عرضتها في المهرجان". والمتأمل في أعمال الفنانة أحلام احمد يجد أنها عمدت إلى توثيق مشاهد أصيلة للتراث العمراني والاحتفاليات الشعبية للأعراس، كذلك تميزت بأسلوبها الفني التأثيري الذي يتمحور حول تجسيد الموروث في صورة امرأة تكتسي كل ما له علاقة بالتراث النسائي، كذلك تطرقت إلى الحارات والبيوت والمنابر للمساجد واصفة طبيعة الحياة الحجازية. نسيج متناغم أما الفنانة سحر شعاب فشاركت في ثلاث لوحات عن التراث المحلّي، وما تزخر به من نقوش وحفريات ومشربيات، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد الاجتماعية ونجد أنها تتميز بارتقاء ذائقتها اللونية في لوحاتها التي تستخدم فيها الألوان بكافة أشكالها، فتجد الإيقاع المتناغم في لوحاتها الانطباعية، الناتجة عن تحليل وتفتيت للعناصر بهرمونية تطرب المتلقي، حيث ينتابك الشعور عند تأملك أعمالها بوجود نسيج متناغم ومتلاحم محمل بالعفوية وجماليات التشكيل الهندسي المتمثل في صفاء اللون، واتضح جلياً في النقوش الدارجة على الزي النسائي الشعبي، وألوان الحارات التي تعكس طبيعة البيئة الحجازية. من اعمال سحر عناني